نظرا للوضع الصحي السائد في العديد من مناطق البلاد، تقرر تأجيل الدورة الشهرية العادية للأمانة الوطنية للحزب، المقرر عقدها في 2 أوت 2021، إلى تاريخ يسمح بضمان شروط التنقل والتجمع المقبولة.
إن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ينحني أمام أرواح ضحايا جائحة كوفيد 19 الكثيرة، ويشيد بهبة التضامن الاستثنائية التي أبداها المواطنون لنجدة المرضى وتقديم كل أوجه المساعدة للتكفل بعلاجهم. ويذكّر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بأن هذه القفزة في تفشي الوباء هو أيضًا نتاج التجمعات داخل القاعات أثناء حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة. وهذ ما حدث أيضًا عندما تسارعت وتيرة الإصابات في نوفمبر الماضي في أعقاب إجراء الاستفتاء على الدستور. ولقد حذر العديد من أخصائيي الصحة العمومية من لامبالاة السلطات هذا، لكن عبثاً. فإذن، إن الحافز الذي أعطاه هذا السلوك للتجمعات الخاصة وللتراخي الملاحظ في الحياة العامة لم يأت من السماء.
من جانب آخر، إن أزمة الأكسجين الصناعي هو نتيجة لافتقاد الحكومة الحالية لأي قدرة على التنبؤ ولتفكيك النسيج الصناعي الذي تم تسليمه إلى مافيا سياسية مالية ترعرعت في محيط بوتفليقة. وللتذكير فيما يتعلق بإنتاج الغازات الصناعية، ومن ضمنها الأكسجين، كان التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية قد شجب في بيان له صدر بتاريخ 2 نوفمبر 2018: “العقد بالتراضي المبرم بين شركة سونطراك وشركة Air Products الأمريكية، على حساب عرض قدمّته الشركة الرائدة عالميا في مجال الغازات الصناعية (ميسر، ألمانيا) لبناء وحدتين صناعيتين (49/51)”. ومن خلال هذا البيان، ندد الحزب أيضا بـ “التنازلات المقدّمة للقوى الأجنبية والتي تضخمت عشية التمديد لرئيس الدولة الحالي لعهدة خامسة”.
في مجال التضامن ومكافحة انتشار الوباء، استطاعت المبادرات المحلية لاقتناء المعدات وفرض حجر أكثر تشددا أن تعيد الأمل في نفوس للسكان. وهي على النقيض تماماً من مواقف السلطة المرتجلة وقصورها في مواجهة الخطر. في أوج الأزمة، لم يجد رئيس الدولة طريقة للتواصل مع المواطنين غير الاجتماع مع رئيس لجنة تنظيم الانتخابات لمناقشة إجراء الانتخابات المحلية. إن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يرى بأن مثل هذه المواقف تُبعد الشعب أكثر من السلطة المركزية التي لا تزال تلتصق بها صورة الظلم والفساد والممارسات الجهوية (الأحداث الأخيرة في جنوب البلاد خير مثال على ذلك). وفي هذا الصدد، فإن التماطل في إعادة بناء الدولة الوطنية لإقامة تهيئة إقليمية من شأنها أن تقرّب من صنع القرار وتعزز التضامن، والاحتفاظ بنموذج موروث من فرنسا الاستعمارية لهو خيار محفوف بالمخاطر على وحدة الأمة في ظرف يتميز بتقلص الموارد وتصاعد التوترات الإقليمية.
بشأن التطورات الإقليمية الأخيرة، إن رد فعل وزير الشؤون الخارجية على الترهات المغربية حول منطقة القبائل، يطرح مشكلة. إن التذرع فقط بكون أن دعاة الاستقلال ينتمون إلى “منظمة إرهابية” (والتي صُنفت في هذه الخانة دون تقديم مبرر مقنع للرأي العام) يصدم فعلا أمام العدوان الذي شنّه ممثل الملك على بلدنا. إن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وبصفته حزباً مسئولا، يستغرب هذا الموقف المتهوّر من جانب جيراننا ومحاولات التملص التي تقوم بها دبلوماسية بلدنا.
إذا كانت هناك حاجة لدواعي أخرى للتأكيد على الضرورة الملحة لبناء ثقة المواطنين في المؤسسات من خلال إقامة مسار سياسي تأسيسي، منبثق من حوار حقيقي، فإن الأخطار المخيّمة اليوم على مصير تونس مثال حيّ على ذلك. إن الخطأ الذي لا ينبغي ارتكابه هو النظر فقط إلى ما حدث لجيراننا في الشرق من منظور الاستنزاف الداخلي للمسار الديمقراطي في هذا البلد.
لكن قبل ذلك، على السلطة أن تعامل الجزائريين والجزائريات كمواطنين كاملي الحقوق ولا تسلبها منهم. إن الانتهاكات المتكررة للحقوق الدستورية للمواطنين وإصدار قوانين جائرة مثل المادة 87 مكرر لإلقاء القبض على الشباب والمناضلين وإدانتهم بتهمة المشاركة في مسيرة احتجاجية سلمية أو النشاط في صفوف حزب أو جمعية معتمدة، أو مجرد التعبير عن رأي حول إدارة شؤون البلد، يدخل في إطار تقنين التعسف. وهذا يمهّد الطريق للتعفن والفوضى.
الجزائر، في 30 جويلية 2021
التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية