مشروعنا

الفـهــرس

I . الديباجة

II . أسس ومبادئ

II.1  . الجمهورية

2II.. مبدأ المساواة

II.3 . مبدأ السيادة

II.4 . مبادئ العلمانية والحداثة السياسية

II.5 . الديمقراطية

II.6 . دولة القانون والعدالة

II.7 . المواطنة

II.8 . التعددية

9II.. حقوق الإنسان

II.10 . الحكم الرشيد

II.11  التقسيم الإقليمي

 

III . إدارة وتنظيم الانتخابات والانتقال الديمقراطي

III.1 اعتبارات أولية

2.III تطبيق المعايير الدولية على نموذج التسيير الانتخابي

II.2.1 هيئة وطنية مكلفة بإدارة الانتخابات

II.2.2 مرصد وطني للانتخابات

 

  1. IV. العدالة، الحريات وحقوق الانسان

IV.1 جهاز القضاء

2IV. على مستوى الحريات وحقوق الإنسان

 

  1. V. الثقافة والتربية

V.1. الثقافة

V.2. التربية

 

  1. VI. الشبيبة والرياضة

VI.1. الشبيبة

V1.2. الرياضة

 

VII. العمل، الضمان الاجتماعي والصحة

VII.1    العمل والضمان الاجتماعي

VII.2    الصحة

 

VIII.  الاقتصاد

VIII.1       حدود واختلالات

      VIII.1.1       السياسة العمرانية

      VIII.1.2       الديموغرافيا

VIII.2       البديل المباشر

VIII.2.1              الإجراءات الأولية

VIII.2.2              الإجراءات المؤسساتية المصاحبة

VIII.2.3              ترقية التنمية

VIII.3       تطهير المالية العامة والإصلاح الجبائي البيئي

     VIII.3.1       زيادة الإيرادات المالية العادية (خارج المحروقات)

    VIII.3.2       البنوك

 

.IX  سياسة إنتاج المواد والخدمات

.IX.1     السياسة لصناعية

.IX.2.1     السياسة الخاصة بإنتاج الخدمات والمساعدات

.IX.2 الطاقة والانتقال الطاقوي

 

. X السياحة والصناعات اليدوية والتجديد الثقافي

 

. XI المياه، الزراعة، الغابات وحماية البيئة

     . XI.1 المياه والزراعة

. XI.2     التصحر والغابات

. XI.3     حماية البيئة

 

XII. الجالية الوطنية في الخارج

 

XIII.  الأمن الوطني والجيش

XIII.1     الأمن الوطني

XIII.1.1          الهجرة

.XIII.2     الجيش

  

XIV. الدولة الموحدة الإقليمية والحكم المحلي:

        بديل تنموي للبلد

XIV.1      .اعتبارات عامة

XIV.2      ملامح الدولة الموحدة الإقليمية

XIV.2.1 المنطقة الطبيعية

XIV.2.2 مجال الاختصاص

XIV.2.3 البرلمان الوطني والبرلمان الإقليمي

XIV.2.4 الإقليمية القابلة للتعديل 

XIV.2.5 هيئة التحكيم العليا

XIV.2.6  التضامن بين الأقاليم

XIV.2.7 الميزانية

XIV.2.8الجباية

XIV.2.9 التضامن بين البلديات

XIV.2.10 الإقليمية وشمال أفريقيا

 

XV      تهيئة الإقليم والتنمية المستدامة

XV.1           رهانات ومعاينة

XV.2 اقتراحات التجمع

XV.2.1 إعادة تقسيم إداري من أجل تجديد وطني

XV.2.1.1 إعادة تقسيم المجال الجزائري

XV.2.1.2 التقسيم المقترح

أ- المناطق الاقتصادية الكبرى

ب- المناطق الطبيعية الصغرى

XV.2.1.3 الاستنتاج

 

XVI     الجزائر في العالم

XVI.1        الديمقراطية والسلم الدولي

        .2 XVI شبه القارة الأفريقية

XVI.3         مجموعة دول الصحراء الكبرى

XVI.4 أوروبا والقوى الصناعية

XVI.5 البحر الأبيض المتوسط

XVI.6 أفريقيا والعالم العربي الإسلامي

XVI.7 البلدان النامية

 

I . الديباجة

يعقد المؤتمر الخامس للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وبلدنا تمر بمرحلة طغى عليها الخوف من المجهول. مخاوف نابعة من الاستبداد الذي أوقف الأمل الديمقراطي بمصادرة انتصار الأمة على الإرهاب وموارد الوطن وذاكرته.

مخاوف أفرزها أيضا ظهور الثورة المضادة التي فرضت على العديد من شعوب الجنوب الاختيار بين الإبقاء على الوضع القائم الاستبدادي والفوضى المبرمجة.

إن فشل جهاز القضاء في الحد من الفساد المستشري يسرّع من تفكك النسيج الاجتماعي الذي سلّم للتيارات الرجعية عن طريق المدرسة وغض الطرف عن التجاوزات وحالات التعسف. وأصبحت العدالة، التي تحكم باسم الشعب، “غسالة” لفضائح الاختلاسات التي تمس أعلى دوائر السلطة وأداة قمع للفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تأبى الرضوخ.

وفي ظل هذه الظروف، التي تم فيها تطبيع الصحافة التقليدية إلى حد كبير، بقيت انتفاضة المواطنين الأداة التي من خلالها يفرض شعبنا الأطر والهياكل التي تحقق حريتهم وتضمن التقدم والتنمية. إن الدرس العظيم الذي يمثله الكفاح من أجل الاعتراف بهويتنا الأمازيغية يجب أن يناشدنا جميعا.

إن حزبنا الذي سقته هذه النضالات، ملزم اليوم بإحياء مشروعه لرفع وإبراز مضمون مثلنا المتمثلة في الحرية والديمقراطية والعدالة والتضامن على مستوى كل واحد منّا. إنها مسؤولية تاريخية.

لقد استخدمنا منذ مؤتمرنا الأخير، طاقتنا ومصداقيتنا لإثبات أن إيجاد بديل ديمقراطي وسلمي أمر ممكن. إن مشروع دستورنا الدائم الذي جمعنا حوله العديد من قوى المعارضة، وأرضية الانتقال الديمقراطي التي صادقنا عليها في مزفران، كلاهما يدل على أن الحل الوسط ممكن بين التيارات الاجتماعية والسياسية الموجودة في البلد. إن النظام السياسي الذي يضطهد شعبنا قد شكل من العدم ميزان قوى من خلال احتكار الريع وإقامة جهاز قمع.

إنّ المنتظر منها أو ندفع وننظم أوسع تعبئة ممكنة من أجل الخيار الديمقراطي السلمي. ولابد لنا هنا أن نتذكر أنه كلما تظهر هناك مساعي لتوحيد القوى الوطنية أو محاولات للانفتاح أو حتى مجرد ظهور حالات سبات سياسي، كان التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية دائما يبدي استعدادا لتجنيب البلد انحرافات أو مآسي أخرى. إن هذا الاستعداد لاستكمال الاستقلال الوطني من خلال بناء دولة ديمقراطية واجتماعية يظل لسان حالنا. وهو التحدي الذي ينتظرنا. إننا بالعودة إلى مرجعياتنا، بملاحمنا وأبطالنا، ومحننا ومآسينا، سوف نستعيد كل هذه المعالم المطموسة أو المشوّهة أو الموظفة. إن الاعتزاز بماضينا من شأنه أن يقوي أسس الأمل.

يتشكل تاريخ بلدنا من سلسلة من حركات المقاومة ضد الهيمنة والاضطهاد. وقد اختفت شعوب كثيرة في مواجهتها لاعتداءات أقل كثافة وأصغر حجما. لقد صنعت الذاكرة الشعبية التي أحيت هذا التطلع الجامح للحرية والعدالة من الجزائر نموذجا لحركة التحرر من الاستعمار في القرن العشرين.

إن دور الحزب التقدمي يكمن في:

  • التخطيط للمشاريع التي تمس بمستقبل البلد القريب والبيعد.
  • تنفيذ سياسة جريئة تمنح مكانة أوسع للشباب وللكفاءات المؤمنة بضرورة وحتمية الأفق الديمقراطي.
  • إعادة الانتشار على الساحة الإقليمية والدولية للدفاع بشكل أفضل عن مشروعنا، والتحسيس بالتطور الكبير الذي تشهده الجزائر وبقدرتها على الإفلات من جبرية السلطة والفوضى.

إن الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة حيال الطبقات الشعبية، ولاسيما الشباب والنساء والعمال، كانت حاسمة.

لكل مرحلة متطلباتها، وكل جيل رسالته.

 

II  – أسس ومبادئ

 

بعد عشرين سنة وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة والتهديدات والضغوط والتشهير واغتيال مناضلين له، أصبح التجمع لاعبا رئيسيا في المشهد السياسي الجزائري.

إن رسالة التجمع، المستمدة من العمق التاريخي لبلدنا الذي سمح للأمة للصمود أمام الغزوات والانحطاط والهجمات، تعكس بدقة روح وهوية وتطلعات الشعب الجزائري إلى التقدم والعدالة والحرية.

حداثي من دون التنكر لماضينا، منفتح على الحوار المثمر بين الحضارات من دون الوقوع في المحاكاة؛ متسامح دون خيانة قناعاته، ومتضامن مع الحث على الجهد الفردي، متمسك بقيمنا مع دعوة المجتمع الجزائري للتحرر من ثقل التقاليد البالية والإقطاعية التي تقيّده، فهكذا إن الأرسيدي يجسد الأمل الديمقراطي للشعب بأسره.

رسالة الأرسيدي الذي يسعى لترجمة الكفاح التحرري تكمن في تحرير المواطن لشحذ الطاقات الخلاقة.

إن الأرسيدي الواعي برسالته الأساسية، وبواجباته تجاه كل الذين واللواتي وضعوا ثقتهم فيه، قد كسر الطابوهات وساهم في تحرير المجتمع من الخوف وأعاد الأمل باقتراح الحلول المرتكزة على مبادئ ثابتة.

II.1 ـ الجمهورية

في الجزائر، إن الخيار الجمهوري يستمد شرعيته من العهد الذي قطعه رواد الكفاح التحرري لإقامة  “دولة ديمقراطية واجتماعية”  بعيدا عن “الثيوقراطية التي ولى زمانها”. إن الأرسيدي يرى في النموذج الجمهوري الشكل السياسي الأكمل لأي مسعى يرمي إلى دمقرطة المجتمع وتحرير المواطن وترقيته.

II.2 ـ مبدأ المساواة

إن المساواة المكوّنة للممارسة الاجتماعية الجزائرية، هي اساس العقد المدني الذي يحكم هذه الجمهورية ويضمن المواطنة. إن مبدأ المساواة بين المواطنين وخصوصا بين النساء والرجال والمنصوص عليه في الدستور، غالبا ما تعترضه الانحرافات الأبوية والمحسوبية للمؤسسات. لهذا ينبغي إلغاء قانون الأسرة الذي ينكر مشاركة الجزائريات لها في الكفاح الوطني والنضال الديمقراطي. إن الأرسيدي يناضل من أجل كل اشكال التمييز.

II.3 ـ مبدأ السيادة

إن السيادة الوطنية تؤسس لبروز الأمة الجزائرية في التاريخ الحديث.  وتعد حجر الزاوية في صرح الجمهورية، وهي تفترض تسييراً اجتماعيا يقوم على تحكيم سيادة القانون على القوة. إن غياب المؤسسات الشرعية في بلادنا يشوّه سيادة الدولة.

إن عمليات تزوير الانتخابات المتكررة والمكثفة التي سادت منذ الاستقلال شوّهت الاقتراع العام وصادرت السيادة الوطنية.

II.4 ـ مبادئ العلمانية والحداثة السياسية

تعتبر العلمانية الآلية السياسية الحديثة التي تنظم العلاقات بين الدولة والدين. إن مبدأ العلمانية أبعد من أن يكون رفضا للدين، إنما يضمن حرية الضمير والمعتقد. وهو يسمح للدين من التحرر من وصاية الدولة ويعيده إلى حقل الإيمان. وينظم التعايش السلمي بين مختلف الأديان. هذه التجربة هي واقع اجتماعي وثقافي واسع الانتشار في بلدان شمال أفريقيا. إلى يومنا، لا تزال المجتمعات الريفية تنظم نفسها بالفصل الطبيعي بين سلطات رئيس القرية وسلطات المسؤول الديني.

II.5 ـ الديمقراطية

آن الأوان للديمقراطية المتجذرة في تاريخ بلداننا، أن تجد طريقها إلى تسيير الدولة. لأن الحكومة الشرعية وحدها تستطيع أن تدافع عن المصلحة العامة وتكرس الديمقراطية الجمهورية. تشكل حرية التعبير والتنظيم، وحرية الاستفادة من الإعلام والتعليم والثقافة الضمانات الأساسية لترقية المواطن وإرادته الحرة.

II.6 ـ دولة القانون والعدالة

تعيش الجزائر الرسمية على هامش القانون والمبادئ الديمقراطية. بحيث يتم انتهاك الدستور وفقا للظروف ومصالح الجماعات الحاكمة. وهذا يناقض النظام المؤسساتي الذي تخضع فيه السلطة العمومية للقانون. وهذا يفترض مسبقا المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين ووجود قضاء مستقل.

II.7 ـ المواطنة

المواطنة هي الحرية الممنوحة للفرد المواطن للمشاركة في الحياة السياسية، وفي تسيير الشؤون العامة ومراقبتها.

في بلدنا، باتت ممارسة المواطنة أمراً صعباً بسبب استغلال النفوذ والتزوير الانتخابي والبؤس الاجتماعي. هذا الوضع يؤدي إلى رد فعل ينتج عنه الامتناع الجماعي عن التصويت في كل العمليات الانتخابية.

II.8 ـ التعددية

إن ترقية قيم المواطنة مرهونة بتكريس التعددية التي دفع الأرسيدي في سبيلها ثمنا باهظا.  التعددية وحرية الصحافة والأخلاقيات هي دعائم الديمقراطية. إن الاعتراف الشكلي للتعددية الحزبية في عام 1989 لم يؤدي إلى إعادة تأهيل الدولة لأنه لم يرافقه تكريس للتداول.
إن التنوع السياسي والثقافي واللغوي هو السمة المميزة للجزائر. يعتبر احترامه من الشروط المكونة للتماسك والانسجام وترقية المجموعة الوطنية.

II.9 ـ حقوق الإنسان

لا يزال النضال من أجل احترام حقوق الإنسان الذي بدأه المناضلون المؤسسون للأرسيدي، يشغل الرأي العام في الوقت الراهن، طالما أن هذه الحقوق لا تزال تعاني من تسلط السلطة الاستبدادية الموّلدة لأشكال متعددة من العنف.

يقوم مشروع التجمع على احترام وعالمية حقوق الإنسان والمواطن. متمسك بحرية الضمير، وبعلمانية الدولة والمدرسة، ورفض كل أشكال التمييز على أساس العرق أو الجنس أو المعتقد الديني أو الفلسفي أو اختيار شخصي لنمط الحياة.

II.10 ـ الحكم الرشيد

يعيش العالم تحولات أساسية تحت تأثير الثورة في الإعلام والاتصالات، وتكثيف المبادلات التجارية، وتحرر المجتمعات والانفجار الذي يعرفه إنتاج السلع والخدمات.

في مجال الحكم، تنوي الحكومة الجزائرية معالجة مشاكل اليوم والغد بوسائل بالية، يطغى عليها التعتيم الذي يمنع أي شكل من أشكال التنمية. يعتبر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن ظهور ثقافة الحكم الرشيد مرهونة بالقضاء على تزوير الانتخابات.

II.11 ـ التقسيم الإقليمي

تزداد الأزمة السياسية في البلد تفاقما بسبب المركزية التي تمنع الطاقات وتعيق المبادرات. والنتيجة التي لا طعن فيها: سلطة مركزية مختنقة ومستنزفة ببلد شاسع مزوّد بمؤسسات غير مهيأة لتحديد وحل مشاكل المجموعة الوطني. هناك حاجة ملحة لإحداث قطيعة مع منطق السيطرة على المجتمع لحساب رؤية سياسية تضع حرية العمل والتسيير في صميم الديمقراطية المحلية.

يقتضي ذلك إعادة تحديد مهام الدولة على الصعيدين المحلي والجهوي وإنشاء كيانات سياسية وإدارية متماسكة ومناسبة. ومن هذا المنظور، يدعو التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى إنشاء نظام مؤسسي يستند على الإقليمية التي تكون فيها المنطقة مجالا للتعبير عن الديمقراطية المحلية وقطبا للتنمية والإشعاع الاقتصادي والاجتماعي الثقافي.

لما يتكوّن الإقليم وفق هويته الخاصة، سيكون بوسعها تقديم سياسات عامة شاملة لاسيما على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتجاوز الإطار الضيق للولاية وفروعها المفروضة.

 

III . إدارة وتنظيم الانتخابات والانتقال الديمقراطي

     III.1 اعتبارات أولية

يلجأ النظام الجزائري الذي ولد من رحم أزمة صيف 62، إلى استخدام العنف والرشوة والانقلابات وتزوير الانتخابات لتسيير مصالحه وضبط توازناته الخاصة على حساب الأمة.

وقد كرس الاستقلال “الشعب الجزائري” بوصفه الوصي الوحيد على السيادة الوطنية ومصدر كل تمثيل. ولقد اتضح بالدليل أنه لا يمكنه التعبير عن إرادته بحرية كاملة في بلدنا ما دام أن هذا النظام والقادة الذين يجسدونه، يمسكون بزمام السلطة. ولم يعد هؤلاء يكتفون بفرض طبقة تقصي قوى الأمة الحية أو أي فئة اجتماعية لا تدور في فلك النظام، بل هم يرفضون الاعتراف بالجزائر الحقيقية، وهم يتصرفون فيها كما لو أنها إرث عائلي.

إن القمع، وتقييد الحريات، واستنزاف المجتمع المدني، وتفكك المؤسسات، والأزمة الأخلاقية والمعنوية، والركود الاقتصادي، وتمييع ثقافة الدولة والمتاعب والدور الغامض والأخطبوطي للجيش في الحياة العامة، هي الأسباب الرئيسية التي مكنت رجلا وجماعته بفرض نفسهما على الأمة بانتهاك موصوف للدستور والقوانين السائرة وبسوء استخدام موارد ومقدرات المجموعة الوطنية.

في الوقت الراهن، إن الانتخابات، التي لا يزال تنظيمها والإشراف عليها حكرا على وزارة الداخلية، فهي تتوالى وتنغمس في التعسف والسخافة. إن بذاءة التزوير بنتائج الانتخابات بلغت ذروتها مع تفكك الإدارة، والتلاعب بالبطاقية الانتخابية التي عفا عليها الزمن، وإعداد القوائم الانتخابية بعد الآجال المحددة، وحشو صناديق الاقتراع، وتضخيم نسب المشاركة، والفرز العشوائي والعنيف، الخ …

إن الخلاصة التي تجمع عليها الآراء هي أن التزوير الانتخابي في الجزائر له طابع نظامي. وهو خطر على التماسك الوطني والسلم المدني.

2.III تطبيق المعايير الدولية على نموذج التسيير الانتخابي

على المستوى الدولي، تعتبر هيئات إدارة الانتخابات هي المقياس. إن تكييف إدارة وتنظيم الانتخابات وفقا للمعايير الدولية لتمكين الطبقة السياسية بأكملها من المشاركة في الانتخابات بفرص متكافئة يمثل تحديا حيويا ومطلبا وطنيا.

ويدعم معظم الأحزاب السياسية في المعارضة العرض السياسي الذي تقدّم به التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بإنشاء لجنة وطنية مستقلة لتسيير الانتخابات. وقد أجبر نجاحها الشعبي السلطة على ترسيم هيئة سامية لمراقبة الانتخابات في دستور 2016.  أن هذا طبعا ليس طلبنا، لكن النقاش حول ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تتمتع بجميع الصلاحيات في تنظيم الانتخابات أصبح الآن مفتوحا. إن تجسيد اقتراحنا يقتضي إنشاء هيئتين منفصلتين ومستقلين، هما “هيئة وطنية مكلفة بإدارة الانتخابات” و “مرصد وطني للانتخابات”.

           II.2.1 هيئة وطنية مكلفة بإدارة الانتخابات

الهيئة الوطنية المكلفة بإدارة الانتخابات يجب أن تكون هيئة دائمة كستقلة مؤسساتيا من الحكومة وتخصص لها ميزانيتها الخاصة التي تتولى تسييرها. وتتألف هذه الهيئة من عشرة أعضاء يتم اختيارهم بناء على مقترحات مشتركة من الأحزاب التمثيلية، لأخلاقهم العالية وخبرتهم وحيادهم السياسي واستقلالهم عن أي جهة حزبية، وذلك من ضمن منظمات حقوق الإنسان والقضاة وأساتذة الجامعات والجمعيات المهنية ونقابة المحامين وعمادة الأطباء والمهندسين المعماريين ومن رجال الإعلام (ناشرين وصحفيين) وممثلي عالم الشغل والثقافة…

وتكلف الهيئة بتنظيم جميع العمليات الانتخابية وإدارتها والإشراف عليها، فضلا عن مراحلها التحضيرية. وتشمل مهامها ومسؤولياتها على ما يلي:

  • تسيير عملية التسجيل، ومراجعة القوائم الانتخابية، والمتابعة المنتظمة للبطاقية،
  • إلزام المواطنين المنتمين إلى أجهزة أمن الدولة بالتصويت في مناطق إقامتهم بالنسبة للانتخابات المحلية والتشريعية.
  • تنظيم وتوزيع بطاقات الناخبين عن طريق إدخال بطاقات بيومترية،
  • نشر القوانين والإجراءات المتعلقة بتنظيم وإجراء الانتخابات، بما في ذلك القوانين المتعلقة باستعمال وسائل الإعلام العمومية، وتوزيع مراكز ومكاتب الاقتراع، طبقا لمبدأ الإنصاف الديمغرافي واعتبارات جغرافية واجتماعية أخرى،
  • تنظيم وتسيير ومراقبة جميع المراحل الانتخابية، من تحضير وإعداد قوائم الناخبين إلى غاية إعلان النتائج. ويسخّر لهذهالهيئة كل الموارد المالية والبشرية لضمان استقلاليتها،
  • تنظيم وإجراء جميع العمليات الانتخابية، بما في ذلك استلام الترشيحات والمصادقة عليها، وتنظيم استعمال وسائل الإعلام العمومية، وطباعة أوراق التصويت، وعملية الاقتراع، وفرز الأصوات، وإعلان النتائج،
  • منح الأحزاب السياسية حق إخطار المحاكم الإدارية حال وجود أي مخالفات وخروق قبل وأثناء وبعد التصويتوتمكينها من الإطلاع على اللوائح الانتخابية الوطنية دون أي قيد.
  • اقتراح تعديل القانون الانتخابي وصياغة قوانين تنظم عمله بكل نزاهة وشفافية،
  • حفظ وأرشفة جميع الوثائق الانتخابية،
  • ينبغي على الهيئة، التي سيكون لها فروع إقليمية ومحلية وهياكل دائمة، التأكد من مدى مطابقة حسابات ونفقات الحملة لجميع المرشحين وجميع الأحزاب خلال فترة الحملة الانتخابية للقوانين ذات الصلة. وبالإضافة إلى تنظيم سلوك المرشحين والأحزاب، فإنها تسهر على ضمان احترام وسائل الإعلام وجميع الجهات المعنية لمبدئي الإنصاف والنزاهة الأخلاقية.

يقرر وضع ميثاق للأخلاقيات يحدد قواعد سلوك أعضاء الهيئة ومستخدميها، على أن تحظى بقبول جميع الجهات الفعاليات السياسية. ويجب على أعضاء ومستخدمي الهيئة الالتزام بما يلي:

 الحفاظ على نزاهة جميع العمليات الانتخابية،

 ضمان مبدأ الإنصاف وعدم الانحياز،

 ضمان خدمة ذات جودة عالية ومصداقية للانتخابات وجميع الأطراف المعنية،

 تجنب تضارب المصالح،

 ضمان تطبيق واحترام القوانين والنصوص السارية.

  II.2.2  مرصد وطني للانتخابات

المرصد الوطني للانتخابات هيئة مؤقتة مستقلة تنصب في أعقاب كل عملية انتخابية. في الأنظمة الديمقراطية، يتولى المرصد المستقل مهام الضبط والتقييم، ويكلف بترقية مصداقية وشفافية كل عملية انتخابية ميدانيا. تسهر هذه الهيئة علىحسن سير الاقتراع. والآلى الانتخابية المقررة في هذا الإطار.

وتبعا لذلك، سيتكون هذا المرصد من شخصيات منتمية إلى المجتمع المدني والعالم النقابي والثقافي، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب السياسية والمرشحين المشاركين في الاقتراع. ويجب أن يتصرف، بحكم طبيعته والمهام المناط بها، عدا مراقبة وتدخل الهيئة إدارة الوطنية المكلفة بإدارة الانتخابات المذكورة أعلاه أو أي سلطة أخرى، باستثناء المراقبة الضرورية لضمان نزاهة المراقبين وصحة هويتهم وأمنهم، وكذلك لمنع الاضطرابات أثناء العملية الانتخابية.

ويتمتع المرصد كذلك بصلاحية متابعة ومراقبة كل مراحل  العملية الانتخابية، كما يتمتع بصلاحية اللجوء إلى الجهاتالقضائية المختصة في حالة معاينة عقبات أوأي إخلال أثناء عملية الاقتراع.

يلتزم في كل مهمة بتقديم تقرير شامل عن إجراء الاقتراع وتقييم مدى ملاءمة الإطار الانتخابي والعمل الذي تضطلع به الهيئة الوطنية المكلفة بإدارة الانتخابات.

 

  1. IV. العدالة، الحريات وحقوق الانسان

 

        IV.1 جهاز القضاء

يجب أن تكون العدالة الجزائرية في خدمة دولة القانون. وفي انتظار إعادة المنظومة التربوية إلى رسالتها لتكوين المواطنة وإنتاج النخب القادرة على تولي القضاء المستقل، يجب على السلطة القضائية أن تستفيد من سياسة تأهيل دورية ومنتظمة لأعضائها. من ناحية أخرى، إن الاجرام الكبير الذي كان نادرا في الجزائر يتوجه نحو الانتشار مثلما تشهد عليه الاعتداءات باستعمال السلاح، وحجز كميات هائلة من المخدرات، وأعمال الخطف، وعمليات تبييض الأموال، وتزايد حجم تهريب رؤوس الأموال ولاسيما الرشوة المتصاعدة.

ينبغي الشروع حالا فيما يلي:

  • إنشاء مجلس أعلى للقضاء ينتخب سائر أعضائه. ويعتبر ذلك شرطا أساسيا لضمان مكانة للقاضي تضعه في منأى عنالمضايقات وتدخلات الهيئة الوصية والسلطة التنفيذية. ينتخب المجلس رئيسه. ولن يترأسه بعد ذلك رئيس الدولة، ولايحق لوزير العدل أن يتدخل في تسيير أموره ضمانا لسيادة المجلس الأعلى للقضاء على نشاطه.
  • إنشاء جهاز قضائي جواري من شأنه أن يساهم في الحد من “النزاعات الصغيرة” وتوظيف عدد كاف من القضاة لضمانالمعالجة السريعة للملفات والحد من التجاوزات الناجمة عن الحبس الاحتياطي.
  • استحداث تشكيلات جماعية على مستوى المحاكم الابتدائية لضمان السير الحين للعدالة على أسس الحق والإنصافوكضمانة ضد التعسف.
  • الاهتمام بتخصيص القضاة والمحامين وضمان تكوينهم المستمر.
  • إنشاء مرصد للإجرام والسياسة الجنائية. وتتمثل مهمتها في جمع الإحصائيات الخاصة بكل مجال من مجالات الإجرام،واقتراح السياسة العقابية المناسبة على ضوء ذلك.
  • إنشاء هيئات قضائیة خاصة بالنزاعات الصغیرة التي تقل قیمتھا عن مائتي ألف دینار تکون أحکامھا نهائیة. وهذا من شأنه أن يفك الخناق على المحاكم.
  • إنشاء محاكم استئناف إدارية.
  • الإسراع في العمل التشريعي لإنشاء محاكم الاستئناف الجنائية.
  • تعزيز نظام المساعدة القضائية لتمكين المواطنين المعوزين من التمتع بحقهم في التقاضي واللجوء إلى العدالة.

 

        2IV. على مستوى الحريات وحقوق الإنسان

 

إن التجمع حزب اجتماعي ديمقراطي. يعمل الأرسيدي على التجسيد الفعلي و في القانون الوضعي الجزائري، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية المنصوص عليها في القانون الدولي، بما في ذلك الحق في العمل والصحة والسكن.

يعتقد الأرسيدي بأن الحق في الثقافة، والإعلام والتعليم والتوظيف المهني للغة الأم أساس أي تقدم في عملية التحول الديمقراطي.

يناضل الأرسيدي من أجل حمل الحكومة الجزائرية على الاعتراف بالمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ورفع جميع التحفظات التي وضعها عليها.

فيما يتعلق بالحركة الجمعوية، يسعى التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى:

  • منح الجمعيات الحق في مباشرة نشاطاتها بمجرد إيداع ملف تأسيسها لدى السلطة الإدارية المختصة. يثبت التصريحالتأسيسي بموجب محضر الإيداع المحرر من قبل المحضر القضائي.
  • إلغاء النصوص الرقابية التي تجيز للإدارة بالتدخل في عمل ونشاط هيئات الجمعية.
  • إلغاء السلطة التقديرية الممنوحة للهيئات الإدارية بشأن حالات التعليق وحل الجمعيات.
  • الإعفاء الضريبي والرسوم الجمركية فيما يتعلق بالمواد المستوردة من الخارج لفائدة الجمعيات.

كما يناضل الأرسيدي من أجل أن تضع السلطات الجزائرية والمجتمع الدولي أدوات قانونية جديدة كفيلة بالتصدي للأشكال الجديدة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الدول أو الجماعات غير التابعة للدولة.

ويناضل الأرسيدي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام.

 

  1. V. الثقافة والتربية

 

    V.1. الثقافة

في مجال الثقافة، عانت الجزائر من كل شيء:  القمع، والحرمان والإقصاء وإنكار الذات.  وأضيفت، لعملية التثاقف التي قام بها المحتل، بعد الاستقلال مشروع استلاب الشخصية أكثر تنظيما. فكانت “الثورة الثقافية” نموذجاً للاستلاب الأيديولوجي وتشويه الهوية وتزوير التاريخ.

فهكذا دأب دعاة الإيديولوجية العربية الإسلامية الأكثر طائفية وشعبوية، على طمس التاريخ ومحو أجزاء من الثقافة الاجتماعية برمتها كانت في زمن ماضي، بمثابة اسمنت وأداة للمقاومة ضد كل أصناف الاحتلال.

فلقد فرضت السلطة السياسية “الأحادية” على حساب التنوع الثقافي؛ أولها الأحادية الأيديولوجية التي صهرت فيما بعد كل الأخريات، ومنها التعليب الثقافي كما أريد له أن يكون.

لقد حرمت التحولات التي أجريت باسم هذه الإيديولوجية العربية الإسلامية المقيّدة وباسم اشتراكية تغلب عليها العشوائية، حرمت الجزائر من تراثها التاريخي ومن هويتها ولغاتها، وقدرتها على التكيف وعلى الابتكار، ومن فرصها المتعددة، أي باختصار من عبقريتها الذاتية.

وكانت الأضرار جسيمة بمستوى الوسائل المسخرة في المدرسة ووسائل الإعلام العمومية (الإذاعة والتلفزيون والصحف…) ومصادرة المسجد من طرف الحزب الواحد والإدارة خدمة للنظام، وتوظيف وسائل الاتصال الجماهيري للترويج لثقافة موجهة وصهر الأدمغة. فقد أفقد عمل السلطة السياسية البلاد أهم مقوماته:  روحه وعبقريته الذاتية.

وإنه ليس بإسماع النشيد الوطني كل صباح في المدارس، وبرفع العلم، نعلم الشباب الجزائريين حب الوطن وأن يكونوا مواطنين ويعرفوا من هم! وإنه ليس بوسع الفجوة بين وهم الخرافة العربية الإسلامية، وصدى الجذور أن تستوعب الشبيبة التي تريد قبل كل شيء أن تعيش عصرها دون الانفصال عن بيئتها.

لقد تعرضت الكيانات الثقافية والمعنوية لتشويه بليغ. فجاء العنف ليحل محل القيم لاجتماعية  العريقة المبنية على التضامن والحوار والإنصاف والحرية في الشمال وفي الجنوب، وعلى كل مستويات المجتمع، ليصبح وسيلة التعبير الوحيدة. هذا لأن القائمين على مصيرنا عقموا كل الطاقات الخلاقة وأضعفوا أي نوع من الاقتراحات البناءة.

شبابنا عقموا منذ المرحلة الابتدائية. أغلق عليهم في لغة واحدة واقتصت أحلامهم عند الولادة، وحضروا لمستقبل تجمد في الخرافات، ولحياة الاستكانة وثم للعجز النهائي. قطعوا من منابع المعرفة الحقيقية، ليسلموا لمختبرات فرانكشتاين من كل الأصناف، مفصولين عن البعد العالمي للإنسان والثقافة، وأصبح كثير من هؤلاء الشباب دون إرادة أو قدرة على التفكير النقدي، ودجنّوا بشكل لم نقدر بعد عواقبه الوخيمة. وآخرون اختاروا ركوب الخطوب إلى بقاع أخرى سرابية، هروباً من الفقر واليأس، متحدين الموت والقهر.

فلكي تتمكن الجزائر من استعادة طريق التقدم، لابد من تحرير المواطن وترقية الثقافة وإحياء قطاع الثقافة في كل جوانبها. ولكن ليس بالفلكلور الذي يلتهم أموالا طائلة في مهرجانات وفعاليات ديماغوجية مثل “المهرجان الإفريقي للرقص…”، “الجزائر، عاصمة الثقافة العربية” أو “تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية “، وغيرها.

إن التماسك الوطني يمر حتما عبر فعلية الاعتراف بالأمازيغية التي تعتبر مؤشرا وغاية ديمقراطية في آن واحد، تؤذن بنهاية تزييف التاريخ ونكران الهوية الثاقافية للبلد. يجب الكف عن النظر إلى التراث الثقافي بأنه يشكل تهديدا. بل يجب أن يعود إلى وظيفته الأساسية مصدر للتاريخ والذاكرة والهوية. إن جهل المرجعيات التاريخية ودواعي الفخر الحقيقية للمجتمع هو الذي أفقد الشباب الجزائري جذوره، حتى أصبحوا يقلدون غيرهم تقليداً أعمى، وأصبحوا ضحية أكبر الآفات وأكثرها فتكا بالإنسان : كراهية الذات. إن تكريس يناير، وإن جاء متأخرا، يجب أن يتبع باسترجاع حقيقي لتاريخنا الذي يعود إلى آلاف السنين.

وعليه، يجب على الدولة :

  • وضع خطة جريئة لتطوير الهياكل الثقافية لتعويض العجز الهائل المتراكم منذ الاستقلال في المرافق السينمائية والمسرحية وقاعات الحفلات الموسيقية والمكتبات والمعاهد الموسيقية، وما إلى ذلك …،
  • رفع احتكار وسائل الإنتاج ونشر الثقافة والإعلام،
  • تشجيع حرية التعبير والنقاش العام ورفع كل القيود على الإنتاج الثقافي،
  • إعادة النظر في سياسة الكتاب بدعم من السلطات العمومية. وينبغي إعفاء صنعها واستيرادها من كل الضرائب. ويجب مساعدة الكتاب الشباب في النشر والتوزيع،
  • إقرار الأدوات التعليمية كمواد أساسية،
  • تشجيع البحوث في مجال الثقافة والفن والتاريخ، والتحرر من كل أشكال الرقابة وسيطرة الدولة،
  • إعادة تأهيل ودعم الإنتاج المسرحي والسينمائي في المناطق وعلى المستوى الوطني، في اللغات الجزائرية،
  • تشجيع الجمعيات الثقافية،
  • تفعيل نشاط المتاحف وتثمين المواقع الأثرية لإخراجها من سباتها وتحويلها إلى  أماكن لنشر وتعميم المعرفة والثقافة والتاريخ،
  • استعادة وحماية التراث الوطني الأثري والمعماري داخل وخارج البلاد،
  • ترقية التراث غير المادي الوطني والمعارف والفنون الشعبية،
  • إعادة الاعتبار للتاريخ في إطار مدرسة مجددة وموّجهة للمعرفة والانفتاح، والعقلانية، وتنمية التفكير النقدي.

يعتبر الاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية، إلى جانب اللغة العربية، بمثابة خطوة إلى الأمام، من شأنها أن تساهم في رفعالحواجز التي تعيق قيام ديناميكية حقيقية للتنمية، وفي تركيز الطاقات الوطنية على العمل وتعبئة شعبنا في بناء اقتصاد مزدهر. إلا أن الصياغة الواردة في الدستور على هذا النحو: “تمازيغت هي كذلك لغة وطنية ورسمية”، تبدو منذ البدايةعملية مشبوهة. لذلك ينبغي حماية اللغة الأمازيغية من شتى محاولات التهميش السياسي أو القانوني. ففضلا عن اعتبارها أداة للتواصل الاجتماعي، يتعين أيضا استعمالها من طرف السلطات العمومية في تعاملها مع رعايا الدولة الوطنية فينبغي أن تنتقل من وضعها كلغة مدرّسة إلى لغة تدريس.

وعلى هذا الأساس، يسعى التجمع من الثقافة والديمقراطية إلى إصدار قانون عضوي يحدد سبل تفعيل الطابع الرسمي للغةالأمازيغية وشروط إدراجها في التعليم والإعلام والإدارة والمجالات ذات الأولوية في الحياة العامة والمؤسساتية من أجلتمكّينها من أداء وظيفتها الرسمية المخول لها دستوريا على المدى القريب.

كما يسعى التجمع لضمان تعليم اللغة والثقافة الأمازيغية للأطفال الجزائريين المقيمين في الخارج إلى جانب العربية، مماسيعكس التنوّع اللغوي والثقافي الثري الذي تزخر به بلادنا.

 

V.2  التربية

بعد خمسين سنة من الاستقلال، لا يزال من الصعب النقاش حول المدرسة الجزائرية، برزانة ووعي. على الرغم من خطابات المسؤولين الانتصارية، إن المدرسة هي مصدر الأخطار التي ترهن مستقبل الجزائر كأمة وكدولة وكمجتمع. ولا تزال الرؤى المستقبلية مرهونة بالصراعات السياسية. فالتعريب، على سبيل المثال، لم يوظف إلا كاستراتيجية للاستيلاء على السلطة من قبل أقلية.

إن المدرسة هي الضحية الأولى للإرهاب الفكري. طمس الإرث الثقافي وازدراء العقلانية، ورفض العالمية أدى بالمنظومة التربوية إلى المأزق الحالي.

النتيجة معروفة. انهار مستوى كل المؤسسة التعليمية والجامعية. ومقارنة بالمعايير العالمية، صنف المنظومة التربوية الجزائرية في المرتبة الـ69 من أصل 70 بلد في العالم،وفق تصنيف “بيزا 2015”.  وأول جامعة جزائرية تحتل المركز الـ2341 وفق تقييم “ويبومتريكس 2017”. العجز صارخ: فشل وتسيب مدرسي مرعب، استهلاك ميزانيات ضخمة، مقررات مدرسية عفا عليها الزمن، جمود بيروقراطي، غياب أي استشراف للمستقبل …

من مجموع 100 تلميذ في السنة الأولى، 7 فقط منهم يدخلون الجامعة.  أكثر من نصف التلاميذ يخرجون من التعليم الثانوي دون شهادة، بينما يقارب حجم الإقصاء المدرسي 400 ألف تلميذ سنوياً.

بعد محاولة الإصلاح في مطلع سنوات 2000، سرعان ما عادت المدرسة الجزائرية لتتداركها ثوابت إيديولوجية وطنية المظهر، في حين إن أبناء الحكّام في مأمن وهم يزاولون دراستهم في الخارج أو في المدارس الخاصة. الإصلاحات التي أجريت كان الهدف منها تغيير في الشكل وفي أساليب التدريس، ولم تمس المضامين وتأهيل المعارف ووضعها على المستوى العالمي.

أمام هذا الإخفاق العام، تحاول وزارة التربية الوطنية أن تدخل في بعض البرامج جرعة من العقلانية. إن غياب صوت سياسي قوي للتعبير عن الرغبة في إخراج المدرسة من الأيديولوجيات الرجعية وقوة جماعات الضغط المحافظة يعيق أقوى الإرادات الفردية.

إن مستقبل الجزائر ومستقبل أبنائنا، والمصالح العليا للأمة تتطلب تكوينا قادراً على الدخول في التنافس الدولي.

إن الخطوط العريضة لرؤية التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من أجل منظومة تربوية سليمة ومطهّرة منالإيديولوجية الظلامية والرجعية معروفة عند الجميع. وبعد وضع هذا الإطار، يُفترض أن بقية الإصلاحات تكون منمسؤولية الأسرة التربية وحدها. كل هذا يتطلب شجاعة سياسية، وجهدا وطنيا يشبّهه الخبراء بمخطط مارشال. على صعيدآخر، ينبغي أن يشمل إصلاح المنظومة التربوية جميع الأطوار الابتدائية والثانوية والمهنية والجامعية، ويجب أن يتم وفقمقاربة منهجية لضمان أقصى فرص النجاح له. وعلينا في نفس الوقت بإصلاح مضمون المقررات المدرسية ومناهجالتدريس والتقييم، وتوظيف وتكوين المعلمين والمؤطرين التربويين والإداريين، وكذا ظروف عمل الموظفين والتلاميذ.

غايتنا في هذا النطاق هي:

  • بناء مجتمع ديمقراطي قادر على تكوين الإنسان المواطن للحفاظ على ثقافته والانفتاح على العالم بتبني القيم العالمية.
  • تكوين المهارات الكفيلة بتثمين الإمكانات الجزائرية في سياق عالمي.

يجب أن تكون المدارس والجامعات مراكز إشعاع تكوّن إطارات ومهندسي الغد، مجتمعاً لديه من الاكتفاء الذاتي ما يقي شبابه من الهجرة إلى الخارج. ويتعين على المنظومة التعليمية أن تعمل إلى إدماج الكفاءات الوطنية المتواجدة بالخارج من أجل سد العجز في بعض التخصصات.

نقترح:

  • تدريس وترقية لغاتنا الرسمية، واستعمال اللغة الفرنسية لتعليم العلوم والرياضيات والتكنولوجيا، والتفكير في اعتماد ثلاث لغات في المستقبل في جميع أطوار التعليم.  وهذا معمول به في كثير من الأقطار، بما في ذلك العالم العربي، ويسمح بأفضل تنسيق مع الجامعة حيث يتم تدريس العلوم الدقيقة والطبية وحتى العلوم الإنسانية سواء بالفرنسية بالنسبة للمغرب وتونس، أو باللغة الإنجليزية بالنسبة لبعض البلدان في الشرق الأوسط.
  • تحرير المدرسة من الإيديولوجيات لكي تتفرغ لترقية التربية المدنية، والعقلانية، وروح التحليل، وقيم التسامح وتبادل الأفكار ونضال الشعوب من أجل تطورها. كما يجب إدراج مادة الديمقراطية وحقوق الإنسان في التعليم. ويعتبر  تدريس حقوق الإنسان نقطة الانطلاق الأكثر تحفيزاً لإقامة العلاقة بين المجتمع والفرد والمؤسسات.
  • إلغاء القانون الصادر في 23 جانفي 2008 الذي ينص على “الأحكام الأساسية التي تحكم المنظومة التربوية الوطنية” و”المبادئ الأساسية للتربية الوطنية”، التي تجعل اللغة الأمازيغية اختيارية وتعطي الأولوية للغة العربية.
  • وقف التلاعب بالتاريخ وتدريسه بعيداً عن الأهواء كأداة لتكوين الوعي الوطني.
  • إعادة الاعتبار للمدارس الكبرى وتمكينها من تكوين نخب علمية، منفتحة ديمقراطيا وفق المعايير البيداغوجية لأنجب الطلاب.
  • السماح لرأس المال الخاص بالاستثمار أيضا في نشر الثقافة، والنشر وإصدار الكتب المدرسية والجامعية. والاعتراف بالمدرسة الخاصة على أن تحدد مضامينها طبقا للقيم والشروط التي حددت في صياغة المؤسسة العمومية.
  • يجب إعادة النظر في مكانة المعلم، في جميع الأطوار، والسهر على التحسين المستمر لمستواه البيداغوجي والتقني. إن الأوضاع الاجتماعية والمعنوية والفكرية المزرية التي يعيشها سلك التعليم ليست غريبة عن تدني مستوى التعليم.
  • مزيدا من الاهتمام بالمشاكل التي تعيشها فئة المعوقين من قبل السلطات العمومية من حيث الرعاية والتعليم..
  • إقرار إجبارية التعليم ابتداء من سن الخامسة. يخصص عام دراسي كاملا لتعلم اللغات ومبادئ الحساب. هذا الإجراءيسمح لمعلّمي المدارس ببدء البرامج التعليمية مع تلاميذ يكونون قد تلقوا المبادء اللغوية الأساسية التي يتيسر فيما بعدصقلها وتطويرها أثناء الفترة الدراسية. يُدخل الكثير من الأولياء أبناءهم إلى الطور ما قبل المدرسي أو إلى المدرسة فيسن الخامسة، سواء بحكم عملهم في سلك التعليم أو ببساطة لأن لديهم القدرة على التدخل لصالح ذريتهم لدى الإدارة. فإذنهذا الإجراء يضمن أيضا تكافؤ الفرص.
  • إدراج التكوين المهني في وزارة التربية الوطنية بحيث لا يترك أي تلميذ مقاعد الدراسة قبل أن يتعلم حرفة أو يحصل علىمؤهلات تسمح له بمتابعة دراسات جامعية. كما أن هناك ضرورة ملحة لوضع هذا القطاع في مستوى المؤهلات التييتطلبها اقتصاد السوق، وتوجيهه وفق متطلبات القطاع الإنتاجي والتشغيل. كما ينبغي رد الاعتبار للحرف اليدوية.
  • المطالبة بزيادة في ميزانية التكوين المهني لا تقل عن 15٪ من الناتج الداخلي الإجمالي، وتحمل التكاليف إلى مستوى ما هو معمول به دولياً.
  • اللجوء إلى التعاون الدولي في المجالات غير المتحكم فيها بصفة كافية.

يجب إبعاد الجامعة من جميع أشكال التسلط الإيديولوجي سواء من السلطة أو من غيرها من التيارات السياسية، وتمكينها من التسيير الذاتي، ونشر الفكر النقدي وتوفير تعليم يتماشى والتحولات التكنولوجية وإعادة الاعتبار للعلوم الاجتماعية والإنسانية.

يجب تكريس البحث العلمي، والتي بدونها لا يمكن كسب معركة التنمية، بإتاحة الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة لتحقيق التنمية، سواء في المؤسسات أو في الجامعات، وذلك بإدماجه في ما بعد التدرج. لا ينبغي أن ينظر إلى البحوث الأساسية باعتبارها ترفا بل كشرط للتنمية الوطنية.

ينبغي إنشاء نظام منح في التعليم العالي يأخذ في الاعتبار دخل الأولياء. لا يوجد مبرر لتوزيع منح دراسية بائسة علىالطلبة المنحدرين من عائلات معوزة، ووضعهم على قدم المساواة مع الطلبة الذين تنفق عائلاتهم هذا المبلغ يوميا. يولىاهتمام خاص بهذا الإجراء الذي يندرج ضمن الرؤية الخاصة بالمساعدات المقررة لقطاع التعليم ويدرج ضمن الأولويات.

 

  1. VI. الشبيبة والرياضة

 

    VI.1. الشبيبة

 

وجدت الشبيبة المهمشة والمقصية من مراكز القرار، نفسها مضطرة للاختيار بين السيئ والأسوأ. وامتدادا لسوء المعيشةوالبطالة والاحتجاجات، انتشرت في أوساط الشباب ظواهر مثل “الحرقة” والطوابير الطويلة أمام الممثليات القنصلية الأجنبية بالنسبة للطلبة، والتهديد بالانتحار احتراقا والانخراط أحيانا في التنظيمات المسلحة. بهذه الطريقة، وفي غيابمشروع صالح للبلد تضاف إليه طريقة توزيع عوائد البترول، تم تغرير الشباب ببرامج دعم مزعومة زادت من تعقيدأحواله.

إن مناصب ما قبل التشغيل التي أنشئت بتطبيق معايير غير اقتصادية وبمرتبات ضحلة لم تعد قادرة على حجب أرقامالبطالة الرسمية. بالإضافة إلى ذلك، نجد أن المؤسسات التي أنشئت في إطار برامج الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشبابوالوكالة الوطنية لتسيير القروض المصغرة والصندوق الوطني للتأمين عن البطالة ، تعاني من الاختناق، فيما يعانيالمستثمرون الشباب من مضايقات قضائية غير مسبوقة.

لا يمكن تصور حل دائم للأزمة الجزائرية إن لم يتم إدماج الشباب إدماجاً شاملاً. فكل استثمار يجرى لرعايتهم يساهم في تنمية الاقتصاد الوطني. ويتعين على أي نظام ديمقراطي أن يطرح للنقاش مكانة تكوين الشباب وتمكينهم من تولي مسؤوليات في المجتمع. لأن بتطبيق معايير الجدارة والكفاءة يمكن تحقيق تجديد للأجيال ووضع حد لهيمنة نفس الجماعات الموالية والبالية التي عقمت الأمة.

من أجل وقف الاضطهاد الذي يستهدف هذه الشريحة الهامة من المجتمع، يقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية:

  • سن حوافز جبائية تشجّع على تشغيل الشباب بدلا من برامج الدعم المباشرة.
  • تشجيع تشغيل الشباب والتحفيز للعمل في الأرض بتوفير الوسائل الضرورية لإدماج دائم للشباب في مجال الفلاحة.
  • إنشاء منحة إدماج خاصة بالشباب. وهي عبارة عن دعم للاندماج في نشاط مأجور قد يكون في إطار التكوين أودعم لإنشاء مؤسسته الخاصة. يطبق هذا الإجراء على جميع الشباب الذين خرجوا من المنظومة التربوية. وأيرفض غير مبرر لعرض عمل معيّن يقتضي سحب المنحة من صاحبها )وليس البحث عن إدماج من قبل الهيئةالمشرفة(.
  • القضاء على كل أشكال التمييز على أساس السن في الحصول على الوظائف وتولي المسؤوليات العامة
  • التوصل إلى تخفيض مدة الخدمة الوطنية، مع تحديد وظيفتها والأهداف المنوطة بها.
  • فتح الحدود للشباب الأجانب، وتعزيز التبادلات وتنقل الشباب الجزائريين إلى الخارج لتمكينهم من الإطلاع على التغيرات في العالم.
  • إشراك الشباب بفعالية في المناقشات حتى لا يبقوا عرضة للمناورات السياسية ويحتلوا المكانة اللائقة بهم في المجتمع.
  • إعادة الاعتبار للنشاطات الرياضية والفنية، كمواد أساسية في المقررات الدراسية.
  • دمج التكوين المهني في نظام تكويني شامل ورفع مستوى العمل اليدوي.
  • الشروع في بناء مرافق ثقافية ورياضية وترفيهية عبر كل التراب الوطني.
  • تشجيع الحركة الجمعوية الشبانية في المجالات الثقافية والتقنية والعلمية والاجتماعية والإنسانية، والترفيهية.

 

V1.2. الرياضة

 

تتخبط الرياضة الجزائرية في حالة من الفوضى. إن فشل تجربة الاحتراف في كرة القدم، التي تم الشروع فيها قبل أكثرمن ست سنوات، دليل على تراجع الممارسة الرياضية التي يطبعها الاعتماد على التمويل العمومي وسوء التسيير. لا يحقاختزال الرياضة الهاوية أو المحترفة في بلدنا في عدد قليل من الأندية التي تتوفر على موارد مالية كبيرة. وإن هناك حاجةملحة لصياغة مقترحات ملموسة لتحسين تنظيم وتسيير الرياضة المحترفة والهاوية في الجزائر وقدرتها التنافسية. وباعتماده حسن التنظيم والشفافية والتكوين، يمكن لهذا القطاع أن يولّد قدرة تنافسية اقتصادية ورياضية الهامة. لكن الأمرالمستعجل في نظر التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية هو هيكلة الرياضة المدرسية والجامعية والاحترافية النسويةوتوزيع الموارد المالية في هذا المجال.

ويتجسد ذلك من خلال:

  • الرفع من مستوى التغطية الإعلامية للرياضة المدرسية والجامعية.
  • محاربة أشكال التمييز التي تعاني منها الرياضة المدرسية والاحترافية النسوية.
  • إقرار معاهدات بين الدولة والاتحاديات حول إعادة هيكلة الرياضة المدرسية والجامعية والنوادي النسوية المسجلة فيمنافسات النخبة الوطنية.
  • وضع تقرير سنوي حول هيكل اتحادية الرياضة المدرسية والجامعية والرابطات الوطنية النسوية وحول المساواة معقطاعات الذكور.
  • إنشاء برنامج دعم للرياضة المدرسية والجامعية ولتوظيف مسيّرين للأندية النسوية التي تنشط ضمن النخبة الوطنية.
  • إقرار ندوة دائمة حول موضوع التغطية الإعلامية للرياضة المدرسية والجامعية والرياضة الجماهيرية.

 

VII. العمل، الضمان الاجتماعي والصحة

 

    VII.1    العمل والضمان الاجتماعي

إنما المسألة تعني هنا علاقات العمل والمعايير وحماية العاملين الأجراء وحقوق أرباب العمل والوضع الاجتماعيللعاطلين عن العمل، سواء منهم البطالين أو المسنّين عديمي الدخل. في هذا الصدد، إن حجم أنشطة السوق الموازية لايمثل فقط خسارة للاقتصاد، بل يشكّل «قنبلة موقوتة »، بحيث أن الملايين من الجزائريين سيجدون أنفسهم في سنالشيخوخة من غير معاش ومن غير تأمين اجتماعي. هذا إرث آخر من طريقة حكم دمرّ البلد. من الواضح أن سوق العملالمرنة تسهّل التشغيل، لكنها لا تؤثر إلا هامشيا أمام ديناميكية الاقتصاد.

لهذا يتعيّن:

  • تشكيل لجنة ثلاثية تضم جميع النقابات وكافة منظمات أرباب العمل لإعادة النظر في مشروع قانون العمل الذي أعدّتهفدرالية رؤساء المؤسسات والحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين. من وجهة نظر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، يجب أن تضمن الوثيقة النهائية الحق في التنظيم النقابي وتنظيم أرباب العمل، وتحدد شروط اللجوء إلىالإضراب، وحدا أدنى للأجور وشروط تأشيرها، وحماية اجتماعية عن طريق تضامن ما بين الأجراء وما بين الأجيال، وتأطير العقود محددة المدة.
  • رفع الحد الأدنى للأجور ليتضاعف في غضون خمس سنوات من حيث القوة الشرائية. هو الشرط الأول لارتفاع إنتاجيةعالم الشغل. على أن يتوج ذلك بترسيم معدل نمو القوة الشرائية للتأثير على الحد الأدنى للأجر المضمون الذي يجب أنتخضع له كل سلطة تنفيذية لتفادي هاجس الفشل وعواقبه غير المحمودة.
  • رفع رواتب الإطارات الجزائرية العاملين في القطاعات الاقتصادية. هذا الإجراء يرمي إلى الحد من هجرة الإطارات الكفؤة إلى الخارج، ويندرج ضمن مسعى عودة البعض منهم.
  • إنشاء معهد للإحصائيات والدراسات الاقتصادية تحت إشراف النقابات المستقلة من أجل توفير معلومات موثوقة تسمحبإجراء تحاليل وأيضا بمقارنة المعطيات بالمعطيات التي يصدرها الديوان الوطني للإحصائيات. ويوضع هذا الديوانتحت وصاية رئيس الجمعية وليس السلطة التنفيذية.
  • إقرار دخل أدنى للتقاعد يتمثل في تحديد حدا أدنى للدخل تكفله الدولة لأي شخص يتجاوز سن التقاعد. ويمثل هذا مورداإضافيا للبعض )المعاشات الضعيفة…( أو منحة تضامن كاملة. لا تستخرج من صناديق التقاعد وإنما من الفصل الخاصبالإعانات المالية الموجّهة. وينطبق ذلك أيضا على المعاقين.
  • مراجعة لوائح الرعاية الصحية. وتعويض الخدمات الطبية يتم بناء على لائحة صدرت عام 1985.
  • الرفع من سقف المعاشات والخدمات التي يوفرها صندوق التأمين الاجتماعي لغير الأجراء )العطل المرضية، عطلالأمومة، المنح العائلية…) من خلال إعادة النظر في شروط ومستويات الاشتراك.

.VII.2    الصحة

إن حق الاستفادة من الرعاية الصحية يكفله الدستور. «الرعاية الصحية حق للمواطنين. تتكفّل الدولة بالوقاية منالأمراض الوبائية والمعدية وبمكافحتها . » لكن بالرغم من هذا الاعتراف المنصوص عليه في الدستور، إلا أن النظامالصحي لا يزال متميزا بالنقص وبتذمر المستخدمين والمهنيين على حد سواء، وبإقصاء أضعف الفئات السكانية من تلقيالرعاية المتاحة، كما يتميّز برداءة الخدمات الصحية وتبديد الموارد.

يقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سياسة تستهدف قبل كل شيء الاحتياجات الحقيقية للسكان من الناحية الصحية،وذلك بتعبئة فعلية لشركاء القطاع الصحي والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وفقا لمبادئ الحكم الراشد ولامركزية القرارات التقنية والإدارية.

وتتمثل هذه السياسة فيما يلي:

  • مراجعة المنظومات الصحية من قبل خبراء من القطاع لتحديد الاختلالات المتكررة وتقديم عناصر من الممارساتالجيدة وتطوير سياسات واستراتيجيات وخطط صحية وطنية ملائمة.
  • التركيز على الرعاية الصحية الأساسية والوقاية، التي يجب أن تظل من مسؤولية الدولة، والتركيز كذلك على مفهومالخدمات الصحية العمومية.
  • الإقرار الفعلي لمجانية العلاج لفائدة الفئات السكانية الأكثر عوزا، عديمة الدخل والحماية الاجتماعية، وذلك عن طريقإصدار بطاقة “تودرت ـ حياة” تتكفل بها الدولة.
  • ترشيد استخدام كافة الموارد المسخرة لمجال الصحة. ولتحقيق ذلك، يجب وضع الموارد )البشرية والمادية والمالية( تحت مسؤولية هيئات إدارة المستشفيات.
  • الحد من الاستهلاك العشوائي للأدوية، وذلك بحظر البيع بدون وصفة طبية لأنواع معينة من الأدوية، ولاسيما منهاالمضادات الحيوية، والنظر في مسألة بيع هذه الأدوية من قبل الصيدليات بدون تعبئة أو تغليف تفاديا للتبذير.
  • تعزيز الصناعات الصيدلانية الوطنية، لاسيما في مجال إنتاج الأدوية الجنيسة.
  • إلغاء النشاط التكميلي، نظرا لكونه يشكّل عقبة واضحة أمام تحقيق خدمات صحية عمومية فعالة.
  • السماح من خلال إجراءات تسهيلية وتحفيزية بإشراك كفاءاتنا المستقرة في الخارج وإقامة جسور وشراكات دائمة وذاتالمصلحة المتبادلة.
  • إقرار زيادة في الموارد المخصصة لقطاع الصحة )تمثل ميزانية التسيير حاليا ٪4.75 فقط من مجموع النفقات، فيماتمثل ميزانية التجهيز أقل من 3٪(، مع الأخذ في الاعتبار التوصيات والنسب التي أقّرتها منظمة الصحة العالمية.
  • استبدال الخدمة المدنية التي أثبتت عدم نجاعتها وعدم جدواها إضافة إلى كونها مجحفة، بإجراءات تحفيزية تشجّع علىانتشار مستخدمين أكفاء في المناطق المعزولة )مثل الأجور والسكن والعلاوات وغيرها(.
  • محاربة كل أشكال الشعوذة والممارسات غير القانونية لمهن العلاج بلا هوادة، في إطار التكفل بالصحة البدنية والعقلية.
  • إحياء تنظيم الأسرة بكافة الوسائل الممكنة (إعلامية، تربوية وحوافز…)
  • توفير الدعم الفعّال لجمعيات المرضى أو مساعدة المرضى.

 

VIII.  الاقتصاد

 

VIII.1      .   حدود واختلالات

 

بغرض تكريس مجتمع مفترس، لم يتوانى المستعمر الفرنسي ترك السكان الأصليين في الجهل وعلى هامش التقدم والازدهار الاجتماعي.

بعد الاستقلال، وبالرغم من بعض التقدم الافتراضي الذي عرفته الجزائر، يبقى أن عجز تكوين المجتمع انجر عنه، وفى نفس الأشكال، هذا الجشع. هذا الأخير هو نتاج انحراف مبرمج عن وعي بهدف تنظيم وتعزيز الهيمنة على المجتمع من قبل الأوليغارشية الحاكمة.

إن الفائض المالي الهائل المحقق في الاقتصاد الوطني حول من مقصده في دعم  التنمية والتماسك الاجتماعي من طرف النهب والتبديد، ليخصص في :

  • توفير دخل ورتب مرتفعة للشرائح المالكة للسلطة، بهدف السماح لهم الاستمرار والديمومة على هرم السلطة؛
  • الحفاظ وتمويل الأعداد الكبيرة  والفائضة للقوات  القمعية؛
  • اقتناء التجهيزات والأسلحة اللازمة لتأمين السلطة،
  • مكافأة  الأعداد الكبيرة  من الموظفين في الإدارة التي تستخدم للسيطرة على المجتمع وإخفاء البطالة؛
  • دعم السلع الاكثر استهلاكا كعامل للحفاظ على القدرة الشرائية؛
  • منح امتيازات الشركات والمؤسسات الأجنبية مقابل الحصول على الدعم السياسي الخارجي؛
  • قمع وتوظيف أي تنظيم يسعى لمعارضة النظام.

يتمحور تشكيل وتنظيم هذا النوع من المجتمع على ثلاثة محاور :

  • في المقام الأول، الحد من الاستثمار في التكوين بهدف تقليص من قدرة المجتمع لمعارضة ومقاومة هذه السيطرة. نظرا لكون مقتضيات التكوين ذات طبيعة سياسية، سيتم تحريف هذا القطاع ليمنح في نفس الوقت والمقام تعليم بمحتوى إيديولوجي ومحافظ ورديء من الجانب العلمي والتكنولوجي. مع مرور الوقت، فنسبة من الناتج الخام الإجمالي المخصص للتعليم ما انفك ينخفض حتى يلازم رسميا بنسبة 7٪ من الناتج المحلي الخام. مع ذلك، وصلت النفقات التعليمية لجميع المستويات نسبة 3٪ من النفقات التي تخصصها البلدان المتقدمة.  يمتص البحث في الجزائر، على سبيل المثال، 0.16٪ من الناتج المحلي الخام للفرد الواحد، مقابل 3 و 3.5٪ 10 في البلدان المتقدمة ذات الدخل يفوق بـعشرة أضعاف. فالفارق من1 إلى 200.
  • في المقام الثاني، الحد من الاستثمار في التجهيزات والهياكل المادية نظرا لضعف قدرة وسائل الانتاج واثقال كاهل الثروة الوطنية  من خلال الاستهلاك المكثف لفائدة الطبقة الحاكمة. يناهز في الوقت الحالي معدل الاستثمار حوالي 20٪ من الناتج المحلي الخام. إذا ما أضفنا لهذا المعدل معامل رأس المال المقدر بنسبة 5 بسبب الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، يبقى معدل نمو الاقتصاد لا يتعدى نسبة 3 ٪ أو أقل من ذلك، وهو معدل غير كافي مقارنة مع الاحتياجات.  ويغطي فقط معدل النمو السكاني. وإذا كان حجم الاستثمار كبيرا جدا، فإن تأثيره على التنمية يكاد يكون منعدما بسبب الخيارات غير الملائمة، وعدم أهمية أغلبية المشاريع، والتكاليف الباهظة جدا والفساد.
  • في المقام الثالث، يكمن في القيود على الأجور الحقيقية والتي ستؤدي إلى انخفاض الإنتاجية. في النهاية، إن الأهم ليس في محتوى الخيارات الاقتصادية التي قررت، وإنما مدى التوافق مع المعايير السياسية للشرعية والمراقبة.

فبعدما التهم حوالي ألف مليار دولار في أقل من خمسة عشر عاما، وجدت البلاد نفسها في حالة إفلاس مالي واضطرت إلى اللجوء إلى طبع النقود لسد العجز في الميزانية الوارد في قانون ميزانية 2018 (800 1 مليار دولار). الجزائر اليوم في توازن غير مستقر: نمو أدنى  من 3٪، التضخم في حدود 6٪، ونسبة بطالة رسمي مصرح بها في حدود 12٪، عجز الميزان التجاري، استنفاد صندوق ضبط الإيرادات، تراجع احتياطي الصرف الذي انتقل من نحو 200 مليار دولار إلى أقل من 100 مليار دولار في غضون عامين. وما يزيد خوفا على هذه الحصيلة أن البيانات الإحصائية (التضخم والبطالة والناتج المحلي الإجمالي والنمو،…) هي من عمل جهاز إحصائي غير كفؤ وموظف لتزييف الواقع ي مسعى دائم للهروب إلى الأمام.

على الجزائر التوقف عن العيش على  هامش العالم والتنصل عن حتمية المسار التاريخي، ورفض ادراك التأخر الملحوظ في المجال التكنولوجي والتعنت في عدم تشييد مجتمع معرفي يسوده العلم والمعرفة.

الانتظار او الجمود  قد  يجر البلاد  بلا رجعة  نحو الجريمة والمخدرات، وهي أفات بلغت ذروة مثيرة للقلق. إلى حين قريب، ستأخذ أبعادا سياسية لتجعل من بعض مناطق البلاد أطواقا ومناطق خارج القانون.

إن الجزائر أمام الأمر الواقع. فنسبة النمو الناعمة سوف تزداد تراجعا كون أن الموارد المالية المتاحة للتنمية تتضاءل في ظل اقتصاد الريع والمفترس. الأوضاع  في انسداد عام، وانه قد تدوم إن لم تتخذ إصلاحات هيكلية جوهرية في اقرب الآجال. وعلى المدى المنظور، سيؤدي اللجوء إلى طباعة النقود واستنزاف احتياطي الصرف بالبلد إلى حالة من التضخم غير متحكم فيها وإلى استحالة ضمان حد أدنى من تموين البلد بالمنتجات والخدمات.

 

VIII.1.1      .   السياسة العمرانية

تفاقم الضغط الديمغرافي على المدن بصورة خطيرة في سنوات التسعينات، باعتباره نتاج غياب سياسة عمرانية. فرت المجموعات السكانية المعزولة الإرهاب للبحث عن ملجأ في المواقع العمرانية الآمنة نوعا ما. هكذا تدهورت مدننا وفقدت من جمالها بسبب تشويه المحيط والازدحام وقلة وجود المساحات الترفيهية والثقافية. لقد أدى الفقر في المدن المتنامي بفعل تدني الإطار المعيشي والهياكل العمومية والتهميش الاجتماعي والعنف العمراني إلى تقهقر القيم الثقافية والاجتماعية والأخوية والعيش المشترك ليحل محلها غياب التحضر والتصرفات غير الاجتماعية.

 

تعد ترقية وعصرنة المراكز العمرانية والمدن بصورة عامة عاملا مهما في نشر قيم الحداثة والمواطنة. من الضروري جدا إعادة الاعتبار للمدينة في بعدها الوظيفي. يتوقف تحديث المدن على وضع سياسة جادة مؤسسة على ممارسة فعلية للديمقراطية التشاركية وتسيير تشاوري بين كل من المنتخبين والإدارة والمجتمع المدني وحركية نحو التنمية المحلية.

يجب مراجعة المخططات العمرانية بحيث تراعي الاحتياجات العقارية الحالية والمستقبلية للأسر والخدمات والصناعات والبنية التحتية.

 

VIII.1.2      .   الديموغرافيا

أدى النمو الديمغرافي الذي يفوق نسبة 3 % خلال الثلاث العشريات الأخيرة إلى نتائج وخيمة من الصعب تسويتها على المدى القريب. بعد انخفاض نسبة النمو الملحوظ في سنوات 90 وبداية سنوات 2000، أخذ النمو الديمغرافي من جديد اتجاها معاكسا مثلما تؤكد عليه الإحصائيات الرسمية. سوف يجر الانفجار العمراني الممركز لاسيما على الشريط الساحلي إلى تدهور مزمن للأراضي الفلاحية ونوعية طبيعتها، حيث يتخوف الكثير من تضاعف الانعكاسات الطبيعية التي ستترتب عنها مثل الزلازل، والفيضانات وارتفاع موجات الحرارة…والصناعية. إضافة إلى ذلك ينجر عن هذا النمو الديمغرافي آثار مباشرة على الوضع الاقتصادي فيما يخص الحد من نسبة البطالة والفقر.

يجب بالضرورة إعداد سياسة صارمة ترمي إلى استقرار نسبة النمو على مستويات لا ترهن الجهود المبذولة للتنمية.

  

VIII.2      .   البديل المباشر

يقتضي هذا البديل إجراءات مهيمنة، بعضها يشكل شروطا أولية:

VIII.2.1             .   الإجراءات الأولية

  • الخروج من اقتصاد الريع بتخفيض نفقات السلطة إلى مستوى أو نسب لا يتجاوز المعايير المتداولة في البلدان المتقدمة، بمعنى أقل من 4٪ من الناتج المحلي الخام، ذلك ما يقتضي الحد من نمط عيش الدولة .
  • إعادة تحويل تدريجيا فائض الوظيفة العمومي في إنتاج السلع والخدمات من خلال توفير التسهيلات المصرفية والقروض لجميع المشاريع الاستثمارية.
  • إعادة تقييم الأجور الإنتاجية من أجل تحقيق قدرة شرائية، تساوي على الأقل حصة نصف نسبة القدرة في البلدان المتقدمة.
  • إنشاء مؤسسة عمومية مكونة من خبراء، لبعث التنمية من خلال تقديم المشورة في مجال التكنولوجيا للمؤسسات العامة والخاصة وتقديم الحوافز المالية.
  • إعداد مشروع ضخم للتكوين (أساتذة، معلمين…) مستهدفا 500.000 شخص يهدف إلى توفير تأطير نوعي قادر على التحكم على التكنولوجيات الحديثة.
  • اعادة التأسيس أو النهوض بالتكوين بمزيد من العقلانية في البرامج وجعل اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية لغتين للتعليم وليست فقط للتفتح.
  • تقييم التشريعات الاقتصادية ومراجعة كافة الإجراءات التي تعرقل النشاط االقتصادي وخاصة الاستثمارات والصادرات.
  • اتخاذ تدابير لحماية الإنتاج المحلي للسلع والخدمات من المنافسة غير النزيهة غير العادلة في كثير من الأحيان.
  • إعادة تنشيط التنقيب عن المعادن والنفط، وخاصة في الجنوب الكبير بتدابير ضريبية للشركات الأجنبية بغية زيادة تحسين القدرات التمويلية للبلاد.
  • التقليل من عجز الميزانيات، للوصول إلى معدلات التضخم أقل من 4٪.

 

            VIII.2.2  .   الإجراءات المؤسساتية المصاحبة

تندرج هذه الإجراءات في خيار نموذج عصري للاستهلاك، مع الأخذ بعين الاعتبار القيود التي تفرضها العولمة وظهور التكنولوجيات الجديدة التي تتطلب مؤهلات عالية.

يسعى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى تكريس الديمقراطية الاجتماعية التي  توافق  بين اقتصاد السوق والعدالة الاجتماعية.

تستهدف هذه التدابير  :

  • حرية المبادرة ؛
  • التعددية النقابية؛
  • الانفتاح على الخارج؛
  • دور الدولة في الضبط من حيث التوازنات الاقتصادية الكبرى؛
  • تكفل الدولة بالحماية الاجتماعية؛
  • تنفيذ سياسة اللامركزية الإقليمية في اتخاذ القرارات والتسيير؛
  • إنشاء آليات للتضامن فيما بين الأقاليم والمناطق؛
  • إنشاء هياكل اقتصادية واجتماعية مستقلة للتشاور بين الشركاء الاجتماعيين.

 

VIII.2.3              ترقية التنمية

سوف تكون حصيلة للأولوية التي تمنح للقطاعات المنتجة للنمو والتي تعتمد على الأداء والإنتاجية.

  • منح الحكم الذاتي للبنك الجزائري للتعامل والتحكم على التدفقات النقدية.
  • منح سجلات الأعمال التجارية لمنتج واحد لتشجيع التخصص.
  • جعل حسابات شفافة وعلنية من جميع المؤسسات الاقتصادية، بما في ذلك سوناطراك والشركات التابعة لها وسونيلغاز والتأمين …
  • تقييم الأصول العقارية والصناعية الخاصة بالشركات العمومية واقتراح التدابير ذات الصلة للرفع من مردوديتها بجميع الأشكال الممكنة (الخوصصة، الشراكة وما إلى ذلك).
  • توسيع سوق الأوراق المالية المتاحة لتقديم المزيد من القدرة التمويلية للدولة التي هي غير مستغلة بكل جدية في الوقت الحالي.
  • إعادة النظر في الوضعية القانونية للأراضي بهدف توحيد الملكيات العقارية، وتنازل عن الأرض بواسطة التأجير، مع أفضلية للمرشحين ذوي الخبرة في هذا المجال.
  • مطالبة المستفيدين من الامتيازات، وحتى لذوي القطاعات الزراعية الخاصة، حجم معين للعمل في الهكتار الواحد وفقا  للقدرات الفلاحية. فرض الضرائب المناسبة تكون قادرة على تحقيق هذا الهدف للحد من البطالة المدقعة في الأرياف.
  • فتح التعليم أمام القطاع الخاص، بما في ذلك الجامعات ومنح المؤسسات التعليمية الاستقلالية المستوجبة لاستفاء الطلبات.
  • وضع آلية للقروض بمعدل فائدة مدعومة للطلاب الراغبين في تحسين مؤهلاتهم.

 

VIII.3       تطهير المالية العامة والإصلاح الجبائي البيئي

يدرج التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في برنامج عمله إعادة صياغة المالية العامة تماشيا مع الحاجياتالعامة الواجبتلبيتها من طرف الدولة. انطلاقا من هذا الطرح، يلغى العمل بالطريقة المعمول بها فيما يخص صياغة القوانين الماليةالمعتمدة على توزيع الريع. سوف لن يسن قانون للمالية استندا على طلبات الولايات والوزارات المبذرة، وإنما على أساسأهداف ثقافية واجتماعية واقتصادية وأمنية لها صلة بمشروع مجتمع واضح الملامح ومتفق عليه عقب نقاش حر وشفاف. مما يتعين تقويم الضريبة وإدماجها في تمويل النفقات العمومية، وهو الوضع الذي يستدعي إعادة النظر في النظام الجبائيالحالي بهدف وضع حد للضرائب والرسوم التعسفية وغير عادلة، احتراما للمبدأ الدستوري الذي يكرس المساواة بينالمواطنين أمام الضريبة. فلا يحق للدولة أن تستعمل الضريبة كوسيلة للإقصاء والقمع وتصفية الحسابات وابتزاز الأمواللتمويل زبانيتها، وإنما كمساهمة في تمويل النفقات العامة تناسبا مع قدرات كل مواطن.

 

VIII.3.1      .   زيادة الإيرادات المالية العادية (خارج المحروقات)

بلغ حجم الضريبة المستحقة وغير المسترجعة الذي نشره مجلس المحاسبة حدودا مخيفة، ويؤكد على عدم ملائمة النظامالجبائي مع النشاط الاقتصادي وعدم فعالية الإدارة الجبائية وضعف منظومتها التي تغطيها مداخيل المحروقات. غايتنا في هذا المجال:

– تجسيد نظام رقمنه المنظومة الجبائية مع تسخير الموارد البشرية اللازمة لها بما يتناسب مع دورها الاقتصادي.

– توسيع الوعاء الجبائي بدلا من زيادة العبء على دافعي الضرائب المخلصين من خلال إلغاء الإعفاءات الجبائية ) 490 حالة إعفاء تم إحصائها من طرف مجلس المحاسبة في تقريره لسنة 2013 (. هذه الاعفاءات تكرس الظلم الجبائي وتشوّه المنافسة وتشجّع الاقتصاد الموازي.

– اخضاع الشركات والمهن الحرة لنظام الضريبة الحقيقية، وترك الضريبة الجزافية الموحدة للمؤسسات الصغيرةوالحرفيين الصغار )أصحاب محلات البقالة والحرف اليدوية(.

– إلغاء تأشير علاوات الإدارة الجبائية على مبالغ التصحيح الجبائي.

– إنشاء جباية بيئية تمهيدا لإصلاح جبائي شامل يساهم في حماية البيئة وبناء صناعة فعلية في المواد الأولية المشتقة عنطريق تثمين ورسكلة النفايات والطاقة وغيرها.

 

VIII.3.2      .   البنوك

فيما يخص البنوك، تكمن الأوليات فيما يلي:

إن تعديل قانون النقد والقرض الذي يتمثل في إزالة كل القيود في مديونية الخزينة لدى بنك الجزائر يعتبر تراجعا مخيفا. ولا يتعلق الأمر بالعدول عن هذا الحكم الجديد، وإنما يجب منح استقلالية تسيير كاملة لبنك الجزائر سعيا لتنظيم وضبطالسيولة النقدية لصالح النمو والتنمية وإلغاء الامتيازات. يعيّن مسيّرو هذا البنك لعهدة مدتها  06سنوات غير قابلة للطعن.

اتخاذ الترتيبات اللازمة من أجل تحويل الدينار على المدى المنظور. إن الخيار الحالي للحد من التحويلات إلى الخارج لميكن سوى أن يؤدي إلى تعطيل تحويل الأموال نحو الاقتصاد الوطني وإلى مضاعفة التحويلات المالية غير المشروعة.

رفع مستوى منحة العملة الفردية من العملة للسفر والدراسة والعلاج، إلخ… إلى مستوى لائق ووقف الممارسة المهينة التي تتمثل في تسجيلها على جواز السفر.

 

.IX  سياسة إنتاج الخدمات والمساعدات

 

.IX.1     السياسة الصناعية

من نتائج الإخفاق في رسم وتطبيق سياسة صناعية ترتقي إلى مستوى الإمكانيات والمؤهلات التي تتمتع بها بلادنا، علىالرغم من الظروف المالية المواتية، انعدام الرؤية في السياسة المتبعة في هذا القطاع. فلقد أدّت عمليات التطهير المتكررة للمؤسسات العمومية وعدد الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع، إلى إرباك وإحباط كل أوساط رجال الأعمال، المحليينوالأجانب على حد سواء، لدرجة أنه لم يعد يصدّق خطابات التنويع والتصنيع الرنانة. وهذا يمثل في الحقيقة أكبر عائق. فمهما كانت الاستراتيجية الواجب اتبّاعها، فإن إنعاش الاقتصاد الذي يعتمد بشكل أساسي على المحروقات، يمرّ حتما عبرالإقلاع الصناعي. لأنه لا يعقل أن توضع خطط تنموية لا تتمحور حول ديناميكية صناعية كفيلة بانتشال البلد من وضعمأساوي لا تزال فيه حصة النشاط الصناعي من الناتج المحلي الخام تدور في حدود  5٪ منذ سنوات ألفين. وهو عائق يستحيل تجاوزه في الإطار المؤسساتي القائم.

وأيا كانت الاستراتيجية المعتمدة، فإن إنعاش الاقتصاد، الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على المحروقات، يتطلب إقلاع الصناعة لفائدة السوق المحلية والتصدير.

إن قرار فتح رأس مال المؤسسات العمومية طبقا لنموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي أسندت إلى الإدارة هو على النقيض من الشفافية التي يجب أن تسود لضمان إنقاذ هذه المؤسسات وضمان نموها وقدرتها التنافسية.

لذلك يتعيّن الشروع في إصلاح هيكلي عميق يقتضي ما يلي:

وضع حد لتذبذب الإطار القانوني في إدارة الاقتصاد وبالتالي لقطاع الصناعة، وذلك بإسناد السياسة الصناعية للجنة منالخبراء متعددة التخصصات تخضع مباشرة لسلطة الوزير الأول المنبثق من الأغلبية البرلمانية. ويكمن دوره في تحديثمؤسسات الخدمة العمومية، بما في ذلك عن طريق الاكتتاب لرأسمالها، ويكمن دوره في نفس الوقت في تعميق وتحديث«استراتيجية وسياسات الانعاش والتنمية الصناعية » التي تمت المصادقة عليها في الجلسات الوطنية لعام2007 .

على مستوى القطاع العام،إن الهداف من ذلك هو إبعاد المؤسسات العمومية عن وصاية الوزارات وتفعيل الصلاحيات اليتتمتع بها هيئات الإدارة والمنصوص عليها في القانون التجاري.

 

. IX.2.1      سياسة إنتاج الخدمات والمساعدات (إضافة)

إن الدعم المقرر للسلع والخدمات وللمؤسسات لا يخضع لأي نهج شفاف ومنسجم. في هذا الصدد، وبالإضافة إلى عملياتالتقييم الواجب إجراءها على ميزانية الدولة والسلطات المحلية، يتعيّن:

  • تقييم حصيلة المؤسسات العمومية، مجموعة «سوناطراك » بالنسبة للوقود والغاز وتحلية المياه، و »الجزائرية للمياه » بالنسبة لمياه الشرب و »سونلغاز » بالنسبة للكهرباء، الخ… الخزينة العمومية التي تأخذ على عاتقها الديون البنكيةللمؤسسات العمومية الكبرى معنية في المقام الأول.
  • تقيّيد كل مساعدة مالية في الميزانية المخصصة لها لأن غياب الشفافية هذا يمنع من إخضاع جزء كبير من النفقاتالعامة للرقابة الديمقراطية للمجالس المنتخبة.
  • البحث في سبب عدم صلاحية العديد من المشاريع (لا تحقق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية(. والنتيجة في كثير منالأحيان تأخر المشاريع وارتفاع مذهل للتكاليف راجع لشروط وإجراءات تسييرها، خاصة مع تدخل المستويات السياسية والإدارية من دون أية مسؤولية على النتائج. هنا تتبيّن ضرورة إجراء عملية مراجعة وتدقيق تُسند لخبراء وطنيينودوليين، يتم عرضها في ندوة وطنية تقرر لائحة المقترحات الإصلاحية الملائمة.

في قطاع التعدين، دفع أثر الريع بالحكومات المتعاقبة إلى إهمال قطاع التعدين الجزائري الغني والمتنوع. ولتوضيح ذلك نستدل بمثالين:

– إن منجم الحديد العملاق في غار جبيلات لا يزال في انتظار توفر شروط استغلاله، لكن دون حدوى. فإذا كانت العراقيل التقنية الناتجة عن طبيعته الخاصة أصبحت اليوم متحكم فيها، فإن الظروف الجيوسياسية المحلية لإجلائها و/أو تحويله لم تتحقق

– الفوسفات الموجود في جبل عنق وجبل كويف غير مستغل أحسن استغلال. فلو توحد مع الموارد التونسية والمغربية، فإن تمازغة ستحدد السعر العالمي للفوسفات، وبالتالي الأسمدة الفوسفاتية، ومنه…الحبوب التي كانت لفترة طويلة ورقة اقتصادية وجيوستراتيجية رابحة في يد الولايات المتحدة الأمريكية.

 

.IX.2     الطاقة والانتقال الطاقوي

يتحدد نمط حياتنا عموما بمدى توفر الطاقة منخفضة التكلفة والمستخرجة أساسا من المحروقات. وتبيّن جميع المؤشراتالمتاحة أن بلدنا يمر بحالة انخفاض في حجم العرض بسبب تراجع موارد الطاقة وانفجار الطلب المحلي، نتيجة النمو السكاني وكذلك بسبب نظام الأسعار الذي يدفع إلى الاستهلاك المفرط، بل وحتى إلى التبذير. وتجدر الإشارة إلى أن مايساعد الطلب على الاحتفاظ بمستويات مقبولة هو الاستهلاك المنزلي وقطاع النقل، وأن حصة المؤسسات المنتجة للسلع محصورة في مستوى لا يعكس الطموحات المعلنة. إن هذا النموذج غير قابل للاستمرار. وإن ندرة الطاقات الأحفورية لاتعني الأجيال المقبلة وحدها، بل أصبحت واقعا ملموسا. فنحن أمام وضع يستلزم التدخل على العرض والطلب معا.

وفيما يتعلق بكفاءة الطاقة، تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تعد من البلدان القليلة التي تزداد فيها كثافة الطاقة بشكل مطرد. وهي تقدّر اليوم ب 0.591 طن نفط مكافئ )ط.ن.م(/ 1000 دولار )الناتج المحلي الخام ثابت خارج المحروقات( و0.375 ط.ن.م/ 1000 دولار )الناتج المحلي الخام ثابت مع المحروقات( حسب إحصائيات الوكالة الوطنية لتطويروترشيد استخدام الطاقة ) Aprue (. نجد أنبريطانيا العظمى التي حققت أفضل نتيجة عالمية في عام 2015 سجلت0.076ط.ن.م. / 1000 دولار، وهي فجوة هائلة. إنه على الرغم من وجود عدة آليات مثل الصندوق الوطني للتحكم فيالطاقة (FNME) الذي أنشئ بموجب مرسوم صادر عام 2000 ، إلا أن النتائج لا تزال بعيدة عن المستوى المنشود. لاتوجد ديناميكية استثمارية في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة.

وريثما تستعيد الأسعار توازنها في آلية مناسبة بين ضرورة الحصول على الطاقة للجميع والحاجة إلى سد العجز علىالأقل، يقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إدخال سوق لكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة )الطاقة الشمسية وطاقةالرياح(  معتمدة في البداية على الطلب العمومي التي تفضي في نهاية المطاف إلى إنشاء شهادة فعالية الطاقة.

في الواقع، إن غياب حنكة استراتيجية قد أضر ببلدنا منذ الثمانينيات على الأقل. فالجزائر التي تملك واحدا من أكبر المنابع الشمسية في العالم، أهملت تماما هذا القطاع. وبحكم توفر موارد الغاز الكبيرة، عمل إطارات قطاع توليد الكهرباء بلا كلل من أجل إهدار هذه الثروة من خلال خيارات تكنولوجية شاذة وغير وطنية: حظر الدورة المركبة، على سبيل المثال. لم تتمكن التكنولوجيا المربحة للدورة المركبة من استرجاع مكانتها شيئا فشيئا إلا في العقد الأول من القرن العشرين.

غايتنا:

  • تزويد جميع الوزارات ومقرات المؤسسات الوطنية والجهوية والمحلية الكبرى بحظيرة خاصة بالطاقة المتجددة فيحدود الإمكانيات التي تسمح بها الدراسات التقنية. في نفس الوقت، يُمنع في هذه المصالح استخدام المصابيح والأجهزةالكهربائية )خاصة المكيفات الهوائية( غير تلك المشهود باستهلاكها المنخفض للطاقة. على أن يعمّم هذا الإجراء تدريجياعلى كافة المباني العمومية.
  • سن نصوص قانونية تلزم المباني العمومية حديثة النشأة باحترام معايير كفاءة الطاقة.
  • إدراج حصيلة الطاقة النهائية لجميع الإنجازات في دفاتر أعباء الصفقات العمومية في مجال البناء، مثلما هو الحال أثناءعمليات التوصيل.
  • العمل على تحقيق الطموح القديم بإنتاج مكثف للكهرباء المستمدة من الطاقة الشمسية، بما يضمن، بالإضافة إلى شرطالحصول على أدنى سعر ممكن للكيلوواط/ساعة، إسهاما في نقل التكنولوجيا يسمح بالاستثمار الدولي، لاسيما في إفريقيا.
  • إخضاع المؤسسات الكبرى للمراجعة الطاقوية بانتظام.
    • سن تشريعات تعزز الاقتصاد الدائري كضمانة للتنمية المستدامة. (یھدف ھذا النموذج الاقتصادي إلی تعظیم استخدام الموارد باسترجاع نفايات صناعية وتحويلها إلى مادة أولية لصناعة أخرى أو لنفس الصناعة).
    • إطلاق مشاريع نموذجية لمحطات التكييف الهوائي لمجموعات من المباني في

المدن الجنوبية التي تستعمل الطاقة الشمسية.

  • تطوير طرق تسيير الشبكة الكهربائية بإدخال تقنيات الشبكات الذكية ) Smart Grid ( للسماح بتسيير أفضل للطلبتماشيا مع تنويع العرض، تحسبا لإنتاج حصة هامة من الطاقة المتجددة.
  • منع أي حركة للمركبات النفعية في الحظيرة العمومية التي تشغل بالبنزين أو الديزل، لمدة عامين، وإفساح المجالللمركبات الكهربائية ومركبات سيرغاز.
  • إقرار شهادة كفاءة الطاقة، من الآن، للمؤسسات المستعملة لوقود سيرغاز، ومساعدات لتجديد كل وسائل النقل العمومي،بما في ذلك سيارات الأجرة مع دفتر أعباء.
  • إصدار قرار بوقف التنفيذ لمدة عشر (10) سنوات بخصوص استغلال الغاز الصخري، قابل للتجديد بعد نقاش فيالمجلس الشعبي الوطني على ضوء تطور التكنولوجيا وطرق ووسائل استغلاله.

سن تشريعات تشجع على البحوث في المحروقات واتخاذ كل المبادرات لاستعادة ثقة الشركاء.

 

. X السياحة والصناعات اليدوية والتجديد الثقافي

إن السياحة، بغض النظر من آثاره الاقتصادية الثابتة،  تشكل ما قبل كل شيء مرآة ومظهر مشروع مجتمع.

تعد السياحة أحد أهم عوامل الرخاء والتجارة الدولية للخدمات، لكن في بلدنا يكاد لا تشكّل أي وزن في النشاطاتالاقتصادية. إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر هي فرصة للالتفات أخيرا نحو قطاع ظلّ مهملا ويعتبر محركاللتنمية بحكم حجم مناصب الشغل التي يمكن أن يُنشئها بصفة مباشرة وغير مباشرة، والعملات الأجنبية التي يدرّها، باقتراح أماكن محترمة لقضاء العطلة لمواطنينا.

إن السياحة هي قبل تقديم بنية تحتية مريحة ومكلفة، وهي هي مسألة سلوك وثقافة. فلا يجوز للسائح الأوروبي أن يترك وطنه ويأتي إلى الجزائر ليجد وجبات الطعام التي تقدم له يوميا، والنوم في غرفة مماثلة لغرفته، وشراء الحلي والتذكارات الأخرى التي لا تعكس تاريخ معين، ورمزية مختلفة، وتراث جديد عليه… يقرّبه من أهل بلدنا.

ولتحقيق هذا الطلب، من الضروري محو جميع آثار عدم احترام الذات. يجب أن نفتخر بأبوليوس، مؤلف أول رواية تاريخية في تاريخ الإنسانية، وبيوغرطة التي تدر الزيارات إلى سجنه في سجون روما القديمة مداخيل وفيرة لإيطاليا اليوم. يجب تنظيم، على سبيل المثال، جولات سياحية إلى بقاي عاصمة المملكة الأمازيغية النومدية ديهية (الكاهنة كما يلقب في الأدب العربي) إلى بير العاطر حيث يحكى أنها ألقيت فيه بعد قطع رأسها.

بالنسبة للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية فانه لا يمكن لأي استراتيجية أن تجعل الجزائر مقصدا سياحيا دون سياسة واضحة من الانفتاح أو التفتح على الخارج. فإعادة النظر ورد الاعتبار لتراثنا الثقافي والتاريخي في مختلف صوره العديد يعد الحل والمنهج الحقيقي يقتضي استراتيجية يساهم فيها قطاعات عدة.  من هذا المنطلق فالجنوب الكبير، والتراث الاثري المتنوع التي تزخر به الجزائر وسياحة الكوخ المستحدثة حاليا يمكن أن تشكل فرصة لتفعيل هذا القطاع وبداية لإرساء ثقافة جديدة وسياسة لنهوض النشاط السياحي في البلاد.

وإذا أصيغت في إطار تنمية مستدامة مع تثمين تراثنا الثقافي ورد الاعتبار للحرف التقليدية، فستستفيد منها العديد منالقطاعات الاقتصادية )النقل، الإيواء، التطعيم، البناء، الأنشطة الفنية والثقافة، الحرف اليدوية، البنوك، الاتصالاتوغيرها( وفئات اجتماعية شتى، تشمل بالخصوص اليد العاملة ذات التأهيل الضعيف والمتوسط. يسعى حزب التجمع منأجل الثقافة والديمقراطية لأن يجعل من السياحة قطاعا حيويا للاستثمار الخاص ولأن يصبح على المدى المتوسط ثانيأكبر مصدر للعملة الصعبة بعد المحروقات.

وغايتنا في هذا النطاق هي:

  • الاستثمار في قطاع السياحة من خلال الإقرار، منذ السنة الأولى مع اشتراط دفتر أعباء، ببيع إقامات الدولة) موريتي،نادي الصنوبر، نادي الصنوبر الجديد…(.
  • السماح بالاكتتاب في جميع شركات التسيير السياحي في جميع ولايات الوطن )القرن الذهبي، CET ، متاريس، الرمالالذهبية…(.
  • إحصاء إقامات الدولة المخصصة لمختلف موظفي الدولة من أجل نقلها إلى القطاع السياحي والثقافي وتحويلها إلىمتاحف أو مساكن للسيّاح.
  • بناء متحف تاريخي كبير لجمع ودراسة وحفظ وعرض التحف المادية التي تشهد على تاريخ الجزائر الذي يمتد إلىآلاف السنين. كما سيكون مؤسسة أبحاث في التاريخ وعلم الآثار والأنثروبولوجيا، والثقافة الشعبية والفنون والتحفالقديمة. على أن يزوّد بمركز علمي ومركز للندوات وقاعة للمحاضرات.
  • توفير الحماية الجسدية للمواقع الطبيعية والأثرية، مثل النقوش الحجرية في الجنوب.
  • تخصيص قطع أرضية لبناء 90 مركزا سياحيا ساحليا على أقل تقدير في السنة الأولى. على أن يتم اختيار المتعاملينعلى أساس دفتر أعباء تشترط فيه ترقية الطاقة المتجددة واحترام البيئة.

تخصيص قطع أرضية لبناء مراكز سياحية حول الحمامات المعدنية.

  • تزويد المواقع الطبيعية في الصحراء بمرافق إيواء. يجب تشجيع استغلال المصادر السياحية الخاصة مثل السياحةالثقافية بفضل التراث الأثري المميّز والحظائر الطبيعية التي لا مثيل لها في الجنوب الكبير.

الربح المتوقع من حيث مناصب الشغل معتبر، بالإضافة إلى أن هناك مهنا جديدة وغيرها من الوظائف المحتقرة مثلوظيفة الدليل وطاقم الاستقبال ستكون محل دورات تكوينية متماشية مع التنوّع الذي تزخر به بلادنا.

هذه الديناميكية كفيلة، بعد خمس (05) سنوات، بضبط نفسها بنفسها بفضل السوق )لاسيما الطلب(، مثلما هو الحال فيمعظم البلدان التي تزدهر فيها الصناعة السياحية.

 

. XI المياه، الزراعة، الغابات وحماية البيئة

 

     . XI.1 المياه والزراعة

في الجزائر، كما هو الحال في سائر بلدان العالم، تسخّر حوالي 70 ٪ من موارد المياه للزراعة. في المستقبل، ولضمانأحسن أداء في مجال الإنتاج الزراعي، لابد من زيادة الإنتاجية بأقل الكميات الممكنة من المياه. ولإنجاح الانتقال منالزراعة الموسعة إلى الزراعة المكثفة، هناك ثلاثة عوامل تعيق تطور العالم الزراعي الذي يجد صعوبات جمة لتحقيق11 ٪ من الناتج المحلي الخام، مع أنه يشغّل ما يقارب 20 ٪ من القوى العاملة التي لا يزال جزء كبير منها يعيشأوضاعا غير مستقرة. وتتمثل هذه العوامل في تجزئة الأراضي )الوضع العقاري(، ووعدم ملائمة وقدم شبكات الريوأخيرا غياب التأهيل البشري. ويكمن جوهر المشكلة في إدارة السياسات العمومية.

أصبحت تقدر وفرة المياه على كل فرد تعادل 600 متر3 عوضا من 1000 متر3، الحد الأدنى دوليا، والتي سوف تزداد حدة نتيجة ندرة المياه والانفجار الديمغرافي، والحاجيات الفلاحية والصناعية والعمرانية التي تعرفها البلاد. لذلك تعتبر الجزائر من بين الدول المهددة بالأزمة المائية بفعل الاحتباس الحراري الذي يشهده شمال إفريقيا.

يمكن أن تتحول أزمة المياه في الجزائر إلى مسألة أمنية. وبالتالي، فان الأرسيدي يرى أنه، علاوة على بناء السدود و الأحواض الهضبة، يجب وضع سياسة صارمة لتسيير الحاجيات وتنقية واعادة تدوير المياه المستعملة من أجل تلبية الحاجيات الفلاحية وعلى نحو يسمح تغذية المياه الجوفية.  يجب أن تكون محاربة كل أشكال تبذير الموارد المائية مستمرة تعتمد على مساهمة المدرسة ووسائل الإعلام وإشراكها في حملات تحسيسية دائمة.

يستوجب الخطر الناجم عن الاحتباس الحراري إعادة النظر والتقييم في السياسة الزراعية على نحو يسمح باختيار زراعة على أخرى آخذا في عين الاعتبار نسبة استهلاكها للمياه.

حاليا، ثلث الأراضي الزراعية في التل وثلثي الأراضي في المرتفعات غير مستثمرة. وتم التخلي عن الزراعة الجبلية ذات الإمكانيات العالية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وفي انتظار إصلاح عميق تتولاه حكومة تملك الإرادة السياسية والشجاعة )الشرعية( لمعالجة جوهر المشكلة المتمثل فيتجميع الأراضي الزراعية، غايتنا هي:

  • إنشاء صناعات غذائية بإقرار تسيير موحّد قد يتخذ شكلا إلزاميا للمستفيدين من المستثمرات الفلاحية الجماعية، وذلكبالتنازل عن المستثمرات الفلاحية الجماعية والفردية، ما يسمح بتجديد المستثمرين وجلب مصادر تمويل جديدة للزراعة، وإنشاء آلية قانونية ومالية تسمح بشراء الوارث المستثمر لجميع أراضي الميراث، والترخيص لديوان المكلف بالعقارالفلاحي بشراء جميع الأراضي الزراعية غير المستغلة، لمنحها بمقابل للمزارعين الشباب المتخرجين من معاهد التكوينمع تسهيل عملية التسديد. في المناطق الجبلية (القبائل، الونشريس، الأوراس…) أصبحت تجزئة الأرض عائقا على زراعة الكفاف التي كانت في الماضي القريب تشكل خزان إنتاج كبيرا. من المهم أن ننظر في إمكانية وضع برنامج يسمح بإعادة تجمّع هذا الفضاء.

تطوير زراعة الأشجار الجبلية (أشجار الزيتون والتين…) ويجب لهذا الغرض توفير المساعدة المناسبة، فضلا عن إجراءات للحد من الأضرار على المراعي البرية خاصة بالنسبة للماعز.

  • وضع إطار قانوني يصنف الصناعات وشروط التأسيس. هذا التوجيه من شأنه أن يسمح بإنشاء مجموعات كبيرة في مجال الصناعة الغذائية وإدخال توفير تقنيات ري مقتصدة للماء.
  • جذب الاستثمار في محطات تحلية مياه البحر متوسطة الحجم، يمكن ويستوجب منها العمل بمقدار معتبر من الطاقةالشمسية أو طاقة الرياح. بلدنا بحاجة إلى هذا الإسهام المائي الذي يجب مع ذلك أن يراعى فيه احترام البيئة. وهذا فيالحقيقة هو المغزى من خيار المحطات صغيرة الحجم.

لذا تستوجب سياسة إنقاذ الزراعة اتخاذ إجراءات مستعجلة :

  • إنشاء سوق العقار من خلال قانون توجيهي لتحرير النشاط الزراعي؛
  • منح الأراضي ذات الطابع العام للمسيرين الذين سيتم اختيارهم على أساس الكفاءة وحدها؛
  • إعادة إحياء الضريبة على الأراضي البور؛
  • إنشاء عدد وافر “من المؤسسات الاستشارية في الزراعة ” لتحديد أنسب المحاصيل والمنتجات المناسبة للأراضي المختلفة وأكثرها إنتاجا؛
  • اخضاع منح التعويضات لهذه الشركات بموجب عقود تبرم مع المنتج؛
  • وضع آليات الدعم للمنتجات ذات الأولوية (حليب، والبذور الزيتية والسكر، وتربية الماشية والأغنام …)؛
  • إعادة الاعتبار لمهنة المهندس أو التقني السامي في الزراعة؛
  • الإكثار من إنشاء السدود وخزانات المياه، كأولوية استراتيجية الوطنية؛
  • تنفيذ برنامج لإعادة التحريج وإنماء الغابات بدءا من مناطق الشمال.

وعلى مستوى آخر، فإن الزراعة الصحراوية، التي يعتبرها إيرادها أعلى من إيراد المحروقات، فهي ليست فقط مهملة، بل هي معرضة للدمار بسبب استعجال قادتنا (التكنولوجيات غير الناضجة) لاستغلال الغاز والنفط الصخري الذي يشكل خطرا حقيقيا لتلوث المياه الجوفية التي تضمن سقي لمدة أكثر من قرنين أراضي الصحراء الكبرى التي تعادل مساحتها ضعف مساحة فرنسا. وبالإضافة إلى ذلك، يتم تجاهل الأنواع المستوطنة، ذات الإمكانات الاقتصادية والإيكولوجية العالية جدا، مثل شجرة الأرغان والفستق الأطلسي، وغيرها.

 

. XI.2     التصحر والغابات

يشكل التصحر بالنسبة للجزائر خطر محدق وحقيقي والذي يزداد شدة بسبب الجفاف وأخرى غير طبيعية يصنعها الانسان تأتي في مقدمتها النمو الديمغرافي، الاستعمال المفرط للمساحات الخضراء وتغيير اتجاه المجاري المائية. السياسات الاقتصادية المنتهجة إلى غاية الساعة غير متوازنة وغير محايدة. من مجموع 38 مليون هكتار المتواجدة في الشمال، 20 منها مشغولة من السهوب. وعليه، فالخطر يهدد هذه المساحة. انخفاض نسبة تساقط المياه قد يقابلها الارتفاع الشديد لما يسمى “L’isohyète” 100 اتجاه الشمال (خط شرق غرب يتكون من مواقع لسقوط الأمطار تقارب 100 مليمتر سنويا).

إن الاجراءات التي يمكن اتخاذها لمكافحة التصحر واستصلاح الأراضي المتدهورة متنوعة ومتعددة تتمثل أساسا في حماية النباتات الطبيعية، وتنفيد سياسة لصون الأتربة الزراعية والمجال الغابي والرعوي، والتشجير، وغرس الستائر ومصدات الرياح لتثبيت الكثبان، وانشاء حضيرات وطنية للحفاظ على التراث الحيواني والنباتي وكذا تهيئة الأحواض للمياه.

تعتبر الغابة والغطاء الشجري بصورة عامة وحده نظام بيئي جوهري يستوجب الاهتمام والحفاظ به بالنظر لتأثيره وتفاعله على الأنظمة البيئية الأخرى. الحرائق تلتهب سنويا ما يقارب 20.000 هكتار. إنه من الضروري وضع خطة للتشجير واعادة التحريج واتخذ في نفس الوقت اجراءات وقائية مع مراعاة التغيرات المناخية.

 

. XI.3     حماية البيئة

تهدد مخاطر شاملة البيئة بسبب العوامل التقليدية المتمثلة في التطور الاقتصادي والعمراني واستعمال المواد الكيمياوية في الزراعة والتي تضاف إليها الانعكاسات الناجمة عن التغيرات المناخية.

يلاحظ التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بأن المسائل البيئية قد تعالج بطريقة إعلامية وظاهرية دون دراسة جدية ومسبقة وبعيدا كل البعد عن ضرورة إعداد استراتيجية تحدد القواعد الواجب تطبيقها على كافة قطاعات النشاط الاقتصادي. ويجب تحديث المخطط الوطنية لتهيئة الإقليم من خلال هيكل أفقي ينطبق على جميع قطاعات النشاط.

الغرض المنشود هو :

  • تسيير النفايات المنزلية، لاسيما العمرانية، وفقا للمعايير الدولية؛
  • تنقية المياه القذرة والمستعملة لأهداف صناعية عن طريق مراكز التطهير؛
  • التكفل بحماية الأنظمة البيئية والتنوع البيولوجي.
  • تحديد آليات لدراسة، ومعاينة، ورقابة ووضع اجراءات لإدارة وتسيير المخاطر والتنبؤ لانعكاسات الاحتباس الحراري وكذا ارتفاع مستوى مياه البحار.
  • الشروع في إعداد خطة شاملة للتحسيس تستند على البرامج المدرسية والتربوية لفهم وادراك المسائل البيئية سعيا إلى ترقية النمط المعيشي والاستغلال العقلاني للثروات الطبيعية.

 

XII. الجالية الوطنية في الخارج

اتخذ التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، منذ تأسيسه، مواقف بشأن الهجرة تختلف تماما عن طريقة المعالجة الذي انتهجه نظام الحزب الواحد. ويتجلى ذلك من خلال القاعدة التالية :

لا يعتبر المواطنين المقيمين في الخارج جزائريين من الدرجة الثانية بل جزائريين مكتملي الحقوق، و الذين لم يتهربوا عن مسؤولياتهم خلال كافة مراحل تشييد البلاد.

بصفتها نتاج وضعية تاريخية خاصة، كان المهاجرين قوة فعالة أثناء الثورة التحريرية من أجل استقلال البلاد، وفي وقت لاحق، في النضالات الديمقراطية ما بعد الحرب.

باعتبارها نافذة على العالم، تشكل الجالية الجزائرية في الخارج خزانا هائلا للكفاءات حيث يعد عدم اشراكها في تنمية البلاد جريمة لا تغتفر.

بالفعل، لقد ناضل حزب الأرسيدي – وتوصل- إلى تمكين الهجرة من العضوية في المجلس الشعبي الوطني كما كانت ممثلة في الهيئات القيادية ابان فترة الكفاح من أجل استقلال البلاد.

ولكونها مستقرة في المهجر وأصبحت تستفيد من الجنسية المزدوجة، فإن هذه المجموعة الوطنية تستدعي سياسة جريئة تحافظ على الأواصر التي تربطها بالبلاد الأم حتى يتسنى لها المشاركة في الفعالة في التنمية الوطنية. تمثل لا محالة الجنسية المزدوجة واقعا تاريخيا واجتماعيا يتعين إثرائها وتحويلها إلى أداة تواصل بين الشعوب من تشويهها والموقف العدواني المتخذ في حقها من طرف الخطاب السياسي الشعبوي. إن الإجراءات والجدالات التي أثارتها مراجعة دستور 2016 لا تشرف الدولة الجزائرية.

يقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية التدابير التالية :

  • الاحترام الفعلي بالحقوق ومصالح الجزائريات والجزائريين المقيمين بالخارج واعترافهم بالمواطنة الكاملة؛

وضع الآليات المؤسساتية التي تتيح للجالية العلمية التي تعيش بالخارج المساهمة في ترقية وتطوير الجامعة الجزائرية؛

  • وضع سياسة ضريبية ملائمة ورفع الحواجز الإدارية قصد تحفيز وتشجيع ادخار وتحويل رؤوس أموال المتعاملين المهاجرين؛
  • أمر الممثلات الدبلوماسية الوطنية بإعلام المتعاملين الاقتصاديين المقيميين بالخارج بكافة الفرص الاقتصادية الوطنية؛
  • تشجيع الجمعيات المدنية والثقافية المستقلة للمهاجرين وتدعيمها ماليا وتسهيل التبادل فيما بينها وبين الجزائر؛
  • انشاء بنك مختلط بين الدولة الجزائرية والمتعاملين الاقتصاديين المهاجرين في الخارج بهدف نمو واثراء ادخار الهجرة؛
  • اعداد سياسة ثقافية من شأنها تسمح تحقيق الذات واستيعاب المهاجرين ثقافة وأوليائهم؛
  • مكافحة التمييز والأشكال الجديدة العدوانية والوصم التي تعاني منها الجالية الوطنية والتي تزداد حدة بسبب لا مبالاة الحكومة الجزائرية بل واحتقارها لرعاياها؛
  • التفاوض على اتفاق للتكفل بالمصالح الاجتماعية للجالية المقيمة في كندا؛
  • فتح المجال الجوي أمام المنافسة من أجل تخفيض الأسعار؛
  • إنشاء صندوق الدولة يتكفل بنقل وإعادة الرفات البشرية للبلد؛
  • دعم حماية قنصلية فعالة خاصة للأشخاص المعوزة اجتماعيا بسبب وضعيتهم الادارية؛

أخيرا، وبالنظر إلى تركيز الجالية في فرنسا وبروز آفاق جديدة للهجرة تستهدف بالخصوص كندا، يجب على الدولة ادراج هذه المعطيات في إدارة علاقاتها مع هذه الدول المضيفة.

 

XIII.  الأمن الوطني والجيش

 

XIII.1     .  الأمن الوطني

في بلدنا، يُمنع الحديث عن المسائل المتعلقة بالدفاع والأمن أو توظّف لأغراض معيّنة. ففي الوقت الذي تطرح هذهالإشكالية بحدة، بات من الضروري فتح النقاش حول هذا الموضوع في جو من الهدوء، نُبرز فيه حقيقة مفادها أن الدفاعالوطني قضية تهّم الجميع وتمس كل مواطن. تلزمنا التحولات العالمية الجارية خلال العشرية الأخيرة (تكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، تدويل الارهاب، شمولية الاقتصاد) أن نجعل من الأمن الوطني من الأولويات على أعلى مستوى من القرار السياسي

وفي هذا الصدد، تشمل السياسة الأمنية الوطنية جميع الاستراتيجيات الداخلية للدولة لإرساء السلم والمحافظة على أراضيها، وضمان وسائل العيش والعمل والازدهار للمحكومين… ذلك لأن الدفاع يتجسد في الاستراتيجيات السياسية والوسائل العسكرية لضمان حماية الأراضي والسكان من أي عدوان خارجي.

إن الاهتمام والرغبة في ديمومة النظام المتعفن جعل السلطة تتخلى على واجب وضع استراتيجية الأمن الوطني كما يثبته التسيير السياسي الهش والعشوائي للإرهاب، وفيضانات باب الوادي وغرداية، وزلزالي عين تموشنت وبومرداس، وحرائق الغابات المتكررة والاضطرابات الجوية التي تعاني منها المناطق الداخلية للبلاد وكذا بعض من الكوارث الصناعية التي عرفناها في أرزيو وسكيكدة وغيرها…

يعتبر الأمن الوطني، بالنسبة للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، مسألة لا يمكن أن تعزل عن الوضعية العامة للمجتمع، وطبيعة الدولة وموضعنا الجغرافي والرهانات الاستراتيجية التي تستوجبها مصالحنا الوطنية. إن الظروف التي وقع فيهاالهجوم الإرهابي الذي استهدف مركب تيڤنتورين الغازي، وفداحة الخسائر التي أسفر عنها، تدعونا لإعادة التفكير بعمقفي كل هذه المسائل بدء بالاستعلامات، كعنصر أساسي لضمان سلامة المواطنين وممتلكات المجموعة الوطنية.

ويقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في هذا الصدد:

  • إعادة صياغة تنظيم وتعزيز جهاز الاستعلامات بإطار قانوني مناسب يحدد المهام والصلاحيات وطرق التعيينومسؤوليات كل طرف في هذا القطاع.
  • وضع مكافحة الإرهاب، وحماية المنشآت الحيوية، ومكافحة الجريمة الاقتصادية ومراقبة الحدود الخارجية على رأسالمهام المناطة لجهاز الاستعلامات.
  • إجراء إصلاح ثقافي في مجال الاستعلامات بما يضمن فك الارتباط بين عمل الأجهزة الأمنية، وخاصة منها جهازالاستعلامات، وبين ترصد المواطنين ضمن المسعى الرامي لإحداث القطيعة مع ممارسات البوليس السياسي.
  • تشجيع العنصر النسوي في تولي المسؤولية في المؤسسات المكلفة بالأمن والدفاع.
  • إنشاء هيئة دائمة لاستشراف وإحصاء الأزمات التي تهدد أمن الأراضي، مثل تلك التي شهدتها ولا تزال تشهدها منطقةغرداية وبعض المناطق من شرق البلاد. على أن تتكوّن هذه الهيئة، بالإضافة إلى ممثلين عن الادارة، من برلمانيينوعلماء اجتماع ومفكرين سياسيين ومن غيرهم من ذوي الخبرة الذين قد يساعد إسهامهم في دعم فعالية هذه الهيئة. وتُلحقبوزارة الداخلية.
  • منح صلاحيات شرطة لسلك دائم من الجيش الوطني الشعبي متخصص في مراقبة الحدود.

إن التحولات العالمية الجارية منذ عقد من الزمان (تكنولوجيات الاتصال والمعلومات، تدويل الإرهاب وعولمة الاقتصاد) تدعو إلى الحديث عن الأمن الوطني بحيث يشمل الدفاع الوطني وحماية الاقتصاد ومكافحة التهديدات الجديدة (جرائم الأنترنت، الجريمة المنظمة، الإرهاب…) والكوارث الطبيعية.

إننا نرى أن كل هذا يتطلب وضوحا في تحديد أدوار ومسؤوليات الجهات المشرفة على الأمن الوطني والدفاع. وبالتالي، فإن رئيس الدولة هو المسؤول الأول عن الجيش وقوات الأمن من حيث الإشراف والتقييم الداخلي لقواعد السلوك والأخلاقيات، وفحص مستوى الأداء ومراقبة الأعمال. وتقع على عاتق السلطة التنفيذية على الأقل مسؤولية تحديد الموارد في نظام يتمتع فيه البرلمان بسلطة المراقبة واتخاذ المبادرات (التحقيقات، والمساءلات وإصدار النصوص…) وسلطة قضائية تتحق من سيادة القانون. وكما نرى، فإن الأمن مجال معقد يتطلب تحكما في المجال العسكري. فالمشرعون ليس لديهم الخبرة المطلوبة أو حتى المعرفة اللازمة لذلك، ولهذا تتراءى لنا ضرورة إنشاء لجنة مختصة بشئون الأمن والدفاع الوطنيين في البرلمان لتنوير البرلمانيين… إنه أمر بعيد.

تتطلب التحولات العالمية الجارية خلال العشرية الأخيرة (تكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، تدويل الارهاب، شمولية الاقتصاد) ضرورة الحديث عن الأمن الوطني بمختلف أشكاله بما يشمل الدفاع الوطني، وحماية الاقتصاد، ومكافحة الأخطار الجديدة ( جرائم الأنترنت، والجرائم الكبرى والارهاب…) والتصدي للكوارث الطبيعية.

وبناء عليه، فإن الدفاع والأمن قطاعان محورياتن يتجاوزان اليوم الحدود العسكرية ليصبحا من الانشغالات العامة. لقد ظهرت قوى جديدة بسبب ظهور أشكال جديدة من التهديدات والعنف. ولكي تكون سياسة الدفاع الأمني فعالة، لا بد من وجود شرط مسبق هام، ألا وهو  الديمقراطية بوجه عام، وإضفاء الطابع الديمقراطي على قطاع الأمن بصفة خاصة.

                       

XIII.1.1         .   الهجرة

 

بعد أن كانت الجزائر تعرف بهجرة سكانها نحو الخارج منذ الأزمنة القديمة، ومع كونها ما زالت تحافظ على هذه الميزة، أصبحت حاليا أرضا مضيافا للعبور والاستقرار. تثير الوضعية الجغرافية للجزائر الواقعة بين إفريقيا، ذات الشعوب المهاجرة، وأروبا، القارة المفضلة والمستهدفة للاستقرار، كذلك مشكلة الأمن الوطني مع العلم أن الدراسات والتوقعات الدولية تحتمل وصول حوالي 30 مليون مهاجر من إفريقيا السمراء خلال عشرين السنوات القادمة.

تتطلب شاسعة الإقليم الوطني وخصيصا اتساع حدودها الجنوبية من السلطات العمومية وضع آليات رقابة تنقل الأشخاص بالإشراك مع الدول الصحراء المجاورة والاتحاد الأوروبي. تعد سياسة التنمية والتضامن في الفضاء المعين أعلاه أحد الحلول لتسيير عقلاني ومدروس لتحكم تدفق المهاجرين.

 

.XIII.2     الجيش

يتعين على الجيش أن يبتعد نهائيا عن النشاط والرهانات السياسية والعمل بصورة خالصة على تحديثه ورفع مستوى تدخلاته كي يصبح جهازا محترفا في خدمة الجمهورية وحدها. معايير الكفاءة والاخلاص نحو الجمهورية هي التي تحدد تنظيم وتسيير ومهارة الجيش. حيث تتمثل مهمة الجيش في الدفاع عن الإقليم والحدود الوطنية. وبالتالي، تقتضي هذه النظرة الحل الفعلي للشرطة السياسية ووضع جميع أجهزة وهياكل الاستعلام، عسكرية كانت أو مدنية، تحت رقابة السلطة المدنية المنتخبة ديمقراطيا.

في إطار الدولة الموحدة الإقليمية التي يهدف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى تحقيقها، يكون الجيش تحت السلطة المركزية. كما يجب إعادة النظر في الخدمة الوطنية وفقا لضرورة تحديث الجيش الوطني وتوطيده بمفهوم الدفاع الوطني، سواء من حيث مهامه المدنية والعسكرية أو من حيث مدته التي يتعين تقليصها إلى أربعة (4) أشهر بالنسبة للجندي وستة (6) أشهر بالنسبة لضابط الاحتياط.

 

XIV. الدولة الموحدة الإقليمية والحكم المحلي:

        بديل تنموي للبلد

 

إن إعادة التأسيس المؤسساتي، مثل ثقافة التسيير القائمة على الشرعية الديمقراطية والقانون، لا تحتمل أي تأجيل. فهي تفرض الآن وعلى ضوء التحولات الإقليمية الجارية، صياغة وتنفيذ أنماط تسيير سياسية تتماشى مع تطلعات الجزائر العميقة المتجددة والمنسجمة مع عالمية حقوق الإنسان ومتطلبات الاقتصاد العالمي اليوم.

 

XIV.1      .اعتبارات عامة

هناك ثلاثة اعتبارات رئيسية ذات بعد تاريخي واقتصادي وسياسي جغرافي ينبغي أخذها في الحسبان، لوضع نظام مؤسساتي وإداري مجدد بالنسبة لبلدنا:

1ـ تاريخياً: يشكل بيان أول نوفمبر 1954 وأرضية الصومام المرجعية المحورية للشعب الجزائري. كانت جزائر نوفمبر 1954 منظمة على خمسة نواحي أصبحت، بعد مؤتمر الصومام، الولايات التاريخية الستة.  كان تقسيماً يتوافق مع الأبعاد السوسيولوجية والثقافية للوطن، وأثبت نجاعته طوال حرب التحرير الوطنية.

2ـ اقتصادياً: لا يمكن للتنمية أن تكون حقيقية وديناميكية ومستمرة إلا إذا تم دمجها في فضاء جغرافي قابل للحياة. على الصعيد العالمي، إن إعادة تنظيم المراكز الاقتصادية المستوحاة من الكيانات التاريخية المتناغمة تقدم مؤشرا جيدا على الاتجاهات في مجال إعادة التنظيم السياسي والإداري. يمكن أن نحصي اثني عشر قطباً تنموياً يوافق أقاليم طبيعية في بلدنا. لم يبق لنا سوى أن نترجمها قانونياً.

من الواضح أن كلا الهيئتين السياسيتين الإدارية (الدولة المركزية أو الولاية) غير مهيأة للمتطلبات الاقتصادية الجديدة.  بات معترفا به اليوم، حتى من قبل السلطات العمومية الحالية، أن البنية التحتية والتجهيزات، والمنشآت الصناعية والمستشفيات والجامعات ومراكز البحث تجد حدوداً ضيقة عليها على مستوى الولاية أو كبيرة جدا على مستوى البلد. لهذا، لا بد من الإسراع في إقامة صرح مؤسساتي جديد يكون في وسط الكيانين الإداريين الحاليين.

3ـ على الصعيد السياسي الجغرافي: هناك عنصران أثرا كثيراً في التطور الإداري للجزائر. التعديلات المتكررة التي تجرى في غالب الأحيان لأغراض سياسية وحزبية، وتكاثر المؤسسات والوحدات الإقليمية المصطنعة التي لا تنم عن أي تنظيم منسجم أو تسيير إداري عقلاني. إن الدولة أنشئت للسيطرة على المجتمع، وليس للمساهمة في ترقيته.

إلا أن الحقيقة واضحة. فالدولة المركزية التي سادت منذ عام 1962، والتي تمثل مرآة للدولة الاستعمارية، وتكرس الهيمنة والتحكم الإداري على الأقاليم المحلية، وصلت إلى حدودها. اليوم، أصبحت إعادة التنظيم الإقليمية، والتقسيم الإقليمي ولامركزية السلطات، وتحرير الطاقات وتمكين الهيئات المحلية والإقليمية، على جدول الأعمال وهما شرطان أساسيان لأي شكل من أشكال الإدارة الديمقراطية.

بالنسبة للأرسيدي، إن للمجتمع الجزائري تاريخه الخاص، وأنماطه التعبيرية والتنظيمية الخاصة. ويبدو أن الدولة الموحدة الإقليمية، المبنية على أساس جهوية قابلة للتعديل هو البديل للمأزق السياسي والمؤسساتي الحالي. من ميزات الدولة الموحدة الإقليمية أنها تجمع بين التحكم في الحكم الرشيد مع توفير مرونة في إدماج الأقاليم، وفقا لمستويات التنمية الاقتصادية وقدراتها التأطيرية ورغبة سكانها في التمتع بصلاحيات خارج سلطة الدولة المركزية.

إن الدولة الموحدة الإقليمية التي يقترحها الأرسيدي للأمة تسمح بترقية الاندماج الوطني الديمقراطي وتنمية وطنية بالتنسيق مع الدولة المركزية التي ستدعمها.

 

  XIV.2      ملامح الدولة الموحدة الإقليمية

ترتكز الدولة الموحدة الإقليمية على المبادئ التوجيهية التالية :

 

XIV.2.1 المنطقة الطبيعية

 إن الإقليم هو نتاج عوامل جغرافية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وهي منطقة تتميز بوحدتها وتماسكها.  في الجزائر إن الواقع التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي وحتى السياسي للمنطقة أمر لا يمكن إنكاره. وهذا الواقع دائماً ما كان يسبق المؤسسة القانونية. حيث أن المصالح الإدارية الإقليمية ـ التي تشمل عدة ولايات ـ الموروثة من الاستعمار ومن الإدارة التركية البايلكية، أعيد العمل بها بعد الاستقلال. وقد تبين أن الولاية، كما هو موضح أعلاه، أنها أصغر من أن تكفي لاحتياجات التهيئة الإقليمية لأكبر بلد في إفريقيا.

فلقد تم تجسيد الواقع الاقتصادي الإقليمي ميدانياً من خلال إنشاء هياكل ومصالح عامة إقليمية في الإدارة الجبائية، والجمركية والمصرفية والغرف الصناعية والفلاحية والتجارية الجهوية.

هذه المصالح التي أنشئت لإرساء إدارة الدولة محلياً، والسيطرة على المجتمع، سرعان ما اتضحت في الواقع أنها تعمل على تنفيذ إرادة الإدارة المركزية.

اليوم، لابد من تجاوز هذه الأنماط من أجل إضفاء الطابع المؤسساتي على هذا الواقع الاجتماعي، وتصور مجموعات إقليمية تتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية. ذلك أن نقل أكبر قسط ممكن من القرارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى الأقاليم من شأنه أن يمكّن السلطات من سلطات إقليمية فعلية ومستقلة، ستكون في الواقع، مؤسسات تجديدية قادرة على دفع عجلة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والتكامل الاجتماعي.

 

XIV.2.2 مجال الاختصاص

الدولة الموحدة الإقليمية تقتضي إعادة تحديد مهام  الدولة على المستويين المركزي والمحلي لإعطاء مفهوم ديمقراطي ورشيد للجهوية. الدولة الموحدة الإقليمية هي في المنزلة الوسطى بين الدولة الموحدة والدولة الاتحادية، ومن مهامها أن تربط بين اثنتي عشر عاصمة إقليمية تشكل أقطاب لاتخاذ وضبط القرارات والتشاور ونخبة كفؤة تعمل في مصلحة الإقليم دون الانفصال عن السلطة المركزية.

هذا يعني أنه على المستوى الوطني، ستركز الدولة المركزية على المهام التنظيمية والسيادية الخاصة بالسياسة الخارجية والعملة والجمارك والدفاع الوطني في الوقت الذي تعمل من أجل التنمية المتكاملة للأقاليم. على المستوى الإقليمي، ستتمتع كل من هذه العواصم بسلطة القرار والعمل يتولاها جهاز تنفيذي يتمتع بشرعية شعبية وهيئة تشريعية، تملك صلاحيات واسعة لوضع سياسة مؤسساتية خاصة ـ في الإطار العام الذي يحدده الدستور ـ مع وجود إدارة خاصة تتمتع بسلطة القرار وقاعدة مالية واقتصادية خاصة.

من هذا، سيتم توجيه صلاحيات المجموعات الإقليمية أكثر نحو السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والهوية التالية:

–تنظيم مؤسسات التسيير الذاتي والمصالح الإقليمية (الإدارة العامة)، فضلا عن الشرطة الحضرية والريفية؛

– وضع حدود دوائر البلدية الواقعة على ترابها (الولايات والبلديات)؛

– تهيئة الأراضي والتخطيط العمراني والإسكان والأشغال العامة التي تهم المنطقة في أراضيها؛
– النقل والمواصلات، مثل شبكة الطرق الإقليمية والمرافئ والمطارات بما في ذلك السكك الحديدية وشبكة الطرق التي تدير الطريق تماما في أراضي الإقليم؛

– البيئة والسلامة؛

-المعارض والأسواق المحلية والدولية؛

– الصحة العامة (المستشفيات وحماية الصحة) والعمل الاجتماعي؛

– الخدمات الاقتصادية (الترويج الاقتصادي والتجاري والصناعة والزراعة والصيد البحري)، وإدارة الغابات واستغلاها ؛

ـ تشجيع التنمية الاقتصادية في الإقليم في إطار أهداف السياسة الاقتصادية الوطنية. يتعيّن على الدولة المركزية أن تخطط للنشاط الاقتصادي العام. تقوم  الحكومة المركزية بإعداد برامج للتخطيط الاقتصادي وفقا للمعطيات التنبؤية التي توفرها لها الأقاليم؛

– المشاريع، بناء واستغلال منشآت وشبكات الري التي تكتسي أهمية للإقليم، والمياه والمحطات المعدنية؛

– تشجيع الصناعات اليدوية والحرفية والتخطيط للسياحة في الإطار الإقليمي والجهوي ؛

– التربية والتعليم والتكوين المهني والتعليم العالي؛

ـ ترقية الثقافة (المتاحف والمسارح والمكتبات والمعاهد الموسيقية والتراث المعماري الذي يهم الإقليم؛

-ترقية البحث العلمي والثقافة وتدريس لغة الإقليم؛

– ترقية الرياضة والتسلية.

 

           XIV.2.3 البرلمان الوطني والبرلمان الإقليمي

 

يكون لكل إقليم برلمانه الخاص. ويكون من صلاحية المجلس الإقليمي المنتخب حق التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية الإقليمية في إطار الصلاحيات المخولة للسلطة الإقليمية. كما يجب أن يعكس المجلس الوطني الصورة الحقيقية للأمة.يجب أن تكون صلاحياتها مطابقة للصلاحيات المخولة للدولة المركزية.

 

           XIV.2.4 الإقليمية القابلة للتعديل 

يمكن إجراء التقسيم الإقليمي للدولة بصورة مرنة وتدريجية.  بإمكان كل إقليم تنظيم نقل السلطات وفق وتيرته الخاصة، لأن مستوى الحكم الذاتي يحدده الطلب الاجتماعي الإقليمي وقدراته المادية والبشرية.

ويمكن تصور نوعين من الأقاليم :

ـ مجموعات ذات حكم ذاتي كامل تتمتع بحد أدنى من الصلاحيات التي لا يمكن تجاوزها.
-ومجموعات ذات حكم ذاتي تدريجي يتم فيها نقل السلطات حسب تطوره الاقتصادي والاجتماعي واحتياجات سكانه وتطلعاتهم. وتمثل الصلاحيات الابتدائية الحد الأقصى الذي لا يمكن تجاوزه.

 

            XIV.2.5 هيئة التحكيم العليا

تستلزم الدولة الموحدة الإقليمية إنشاء هيئة قضائية عليا مكلفة بالتحكيم بين الأقاليم والدولة والسهر على دستورية القوانين والمراسيم التي تصوت عليها الأقاليم. كما أن هذه الهيئة تضمن احترام كافة المجموعات الإقليمية لقيم الجمهورية والديمقراطية على أساس توافق وطني.

 

            XIV.2.6  التضامن بين الأقاليم

يجد مبدأ التضامن والتوازن الإقليمي كامل معناه في دولة موحدة إقليمية، لا سيما من خلال إضفاء الطابع المؤسساتي على إنشاء صندوق تعويض الأقاليم. تكفل الدولة تفعيل مبدأ التضامن وضمان تحقيق التوازن الاقتصادي، العادل بين مختلف أجزاء الإقليم عن طريق استخدام آليات تسوية.

فيما يتعلق ببلدنا، هناك إجماع على أن سياسات التنمية التي صاغتها السلطة المركزية كسياسات مساعدة للمناطق المحرومة، بدلا من أن تحد من التفاوت بين المناطق، لم تؤد إلا إلى تفاقمها وإحداث اختلال في التوازن ينعكس سلباً على المشروع الوطني المشترك. بدليل أن كثير من السكان يشعرون اليوم، بالإحباط والإقصاء والظلم.

تحقيقا لهذه الغاية، يتعين على الدولة الموحدة الإقليمية أن تنشئ صندوق تعويضات لضمان حدا أدنى من الخدمات العامة، ومعالجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمناطق المحرومة. على أن يتم نظام التمويل للمجموعة الوطنية عبر المداخيل الصادرة عن الدولة المركزية وتسيير الموارد الجبائية تتولاه السلطات الإقليمية.

 

XIV.2.7 الميزانية

يتم وضع الميزانية الوطنية على أساس الميزانيات الإقليمية. الموارد الطبيعية هي ملكية مشتركة للأمة بأسرها، وتوزع بالتساوي على المناطق نسبة لعدد السكان.  والأمر متروك للسلطات الوطنية لضمان التوازنات الإقليمية المختلفة، وضمان العدالة التي تأخذ في الاعتبار كلا من كثافة السكان ومساحة الإقليم، والإمكانات الطبيعية والاقتصادية للإقليم والانجازات واحتياجات السكان.

يجب أن يكون تمويل المشاريع الاستثمارية بالاتفاق المشترك بين الإدارة المركزية والسلطات الإقليمية عن طريق هيئة مختصة بالاستثمارات العامة.  ينبغي على الدولة أن تسهر على مراقبة المساعدات التي يمنحها صندوق التعويضات بين الأقاليم والمشاريع التي تمولها.

 

              XIV.2.8الجباية

إن السياسة الجبائية هي من مسؤولية الدولة المركزية.  إلا أنه يجب على الإقليم أن تتمتع بمداخيل جبايتها، لأن ذلك أفضل ضمان للحفاظ على علاقة المسؤولية بين المنتخبين وناخبيهم. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على كل منطقة المشاركة في إعادة تشكيل الخزينة العمومية عن طريق مساهمة مالية يتم تقييمها بصورة مشتركة.

 

            XIV.2.9 التضامن بين البلديات

في سياق الدولة الموحدة الإقليمية، يكتسي تفعيل السلطة المحلية أولوية أساسية لضمان بقاء المنتخب على اتصال مستمر مع المواطنين الذين ولوّه مسؤولية.

وعليه، سيكون دور البلديات أكثر وضوحاً وفعالية من أجل تخفيف الضغط على السلطة المركزية وتخفيف حدة التوتر في هياكلها. وينبغي تثمين وتحديد سلطاتها وصلاحياتها  وتحريرها من إملاءات السلطة الوصية لتعزيز الديمقراطية المحلية وجذب الإطارات والنخبة السياسية والاقتصادية.

بهذا سيتدعم مشروع التقسيم الإقليمي بقطب ثان قائم على شراكة أو تضامن بين البلديات، ويصبح إطاراً لتفعيل التنسيق مع الدولة ومع المواطنين.

 

            XIV.2.10 الإقليمية وشمال أفريقيا

تمارس الإدارة المحلية أو الإقليمية بالنسبة لجميع بلدان شمال أفريقيا من خلال عمليات الحد من المركزية أو اللامركزية. لقد شهد كل بلد من البلدان تطورات إقليمية متفاوتة، بحكم أن المناطق البحرية والشمالية هي التي استفادت أكثر من الثروة الوطنية، وأن المناطق الداخلية والحدودية تعد الأكثر حرمانا.

في إطار سياسة شمال إفريقيا لتهيئة الإقليم، ستجد هذه البلدان المتقاربة ثقافيا واجتماعيا فرصة جديدة للانطلاق. ويتعين على الأقاليم أن تكون قادرة على تطوير استراتيجيات تعاونية في مختلف المستويات، ليس بين أقاليم الجزائر فحسب، بل في جميع أنحاء منطقة شمال إفريقيا.

بهذا، إن مشروع إعادة التأسيس الوطني الذي يقترحه الأرسيدي هو برنامج-مصطلح (أو مقاربة) يدعو لتقسيم إقليمي لأمة جزائرية تعد جزءا لا يتجزأ من منطقة شمال أفريقيا، المندمجة هي الأخرى مع غرب البحر المتوسط.

 

XV      تهيئة الإقليم والتنمية المستدامة

 

XV.1           رهانات ومعاينة

تندرج التنمية المستدامة في إطار سياسة التهيئة الإقليمية بهدف استيعاب وإدراك الإشكاليات الاجتماعية، الاقتصادية والبيئية للسكان.

إن تحديد الأقاليم على أساس المعطيات الجغرافية، الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية يسمح بالبحث عن التوازن بين التنمية العمرانية والريفية في توزيع الأشخاص والنشاطات، باعتبار أن الإقليم هو نتيجة دمج بين المعطيات الميدانية والاعتبارات التاريخية. يأخذ الهدف من وراء هذا التحديد بعين الاعتبار التكامل بين الأقاليم والبحث عن أهميتها وجاذبيتها.

يستمد هذا الموقف من الرغبة في عدم ترك الآليات الاقتصادية كذرائع وحيدة لاتخاذ القرار، لاسيما فيما يخص بتوطين النشاطات ومشاكل التعمير ومواجهة التصحر.

يعيش بلدنا تركيز مزدوج للسكان. من جهة الشريط الساحلي في الشمال يحتضن ما يقارب نسبة 90 % من السكان، علما أن نسبة 10 % من مساحته الإجمالية تتميز كونها منطقة زلزالية، ومن جهة أخرى يعرف تركيزا سكانيا متصاعدا في المدن وضواحيها. تزداد خطورة هذه الوضعية بفعل تقدم التصحر وبشكل يهدد التماسك الوطني.

يضعنا الاحتباس الحراري الملحوظ في جل دول شمال إفريقيا أمام رهان آخر. وبالتالي، تتطلب حتمية التأقلم مع انعكاسات هذه الظاهرة إعداد آليات ترقب ارتفاع درجات الحرارة، ندرة المياه، وكذا تزايد اضطراب الارصادات الجوية القصوى. إن استيعاب التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتضمن كل من مسائل الطاقة والفلاحة والعمران والسكن والنقل والحفاظ على التنوع البيئي، يقتضى اعتبارها مجالات تستوجب أن تحظى بالرعاية اللازمة.

أدت التقسيمات الإدارية المتتالية التي أعدتها سلطة، استلهمها النموذج المركزي الفرنسي لمراقبة المجتمع، إلى خلق عدم التوازن في التنمية والنزوح الريفي ونهب الموارد وبيروقراطية مشللة للنشاط الاقتصادي ومعيقة للحياة الاجتماعية بصفة عامة.

 

       XV.2 اقتراحات التجمع

يجب أن تستند كل سياسة التهيئة الإقليمية والتنمية المستدامة على مقاربة جديدة للتقسيم الإداري قائمة على النموذج الإقليمي كأساس لإرساء الديمقراطية والفعالية والتحفيز. إن الجزائر بلد-قارة، ونتيجة لذلك يجب وضع حد للخناق التعسفي على تنوع وأصالة كل من العناصر الطبيعية والبشرية والاقتصادية، حتى تصبح عوامل في خلق حركية وازدهار الأمة.

يمنح نموذج التقسيم الجهوي وسيلة لترقية الحكم الراشد. بإمكانه تعجيل وتيرة التنمية والاستدراك الضروري من أجل تقليص اللاتوازن الجهوي وضمان عدالة اجتماعية يعتبر إنكارها مصدر تهديد على الوحدة الوطنية، وذلك فضلا عن كزنها غير مقبولة أخلاقيا.

تتطلب كل سياسة تنمية مستدامة بالضرورة تقسيم إداري مستحدث والشروع في سياسات جديدة فيما يخص العمران والسكان والمياه والطاقة والبيئة.

 

XV.2.1 إعادة تقسيم إداري من أجل تجديد وطني

 

                  XV.2.1.1 إعادة تقسيم المجال الجزائري

تقع تهيئة الإقليم في صميم كل سياسة التقسيم الجهوي. بغض النظر عن طابعه التقني، فإن تقسيم الإقليم الوطني إلى مناطق يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مصير الجماعات البشرية والسكانية المستقرة في تلك الأقاليم المحددة. إذا كان المعيار الحاسم لتحديد الإقليم الجديد يكمن في النجاعة الاقتصادية، ذلك لا يعني أنه المعيار الوحيد إنما يوجد إضافة إلى ذلك اعتبارات لا تقل أهمية مثل العناصر التاريخية والثقافية والاجتماعية والمجموعات الجغرافية المتجانسة، كلها تغذي علاقات متينة مع الفضاء والعيش المشترك و الهويات…

نظرا لاعتبارات تاريخية وأخرى عاطفية ورمزية ثابتة تحيل إلى الثورة، يشكل التقسيم الأصلي للولايات التاريخية مرجعا أساسيا، بعد تحيينه وتكييفه مع الظروف الجديدة، إطارا للتفكير ينبغي تعديل وتدقيق ملامحه وتطوير مضمونه بما يسمح إدراك وفهم أفضل للمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية الراهنة.

 

2 التقسيم المقترح

 

                      أ- المناطق الاقتصادية الكبرى

 

  • المنطقةI

الولاية الأولى (الأوراس): تغطي بصورة شاملة وعلى نطاق كبير الجزء الجنوبي من قسنطينة القديمة. تشمل هذه المنطقة مناظر طبيعية متنوعة: هضاب عليا قاحلة تقتطعها وديان عميقة ذات مجاري مياه دائمة وأخرى ذات ثقب تدفق فيها مياه مالحة. تزخر هذه المنطقة بجبال (جبل تاندرا، بلزمة، الأوراس، النمامشة) مسقية نسبيا من جانبها الشمالي وتحتوي على منحدرات تهيمن على منخفضات والشط الوديان والنخيل جنوب الصحراء. تسند وحدة هذه المنطقة على مجتمع ذات أصالة وتقاليد عريقة متمسك بالنمط الزراعي، والصلات التضامنية القوية التي تربط أفراده على المستوى الجماعي سواء في الداخل أو في الهجرة.

 

  • المنطقةII

الولاية الثانية (الشمال القسنطيني): تمتد على مجال أقصر مقارنة بالولاية الأولى وتحتضن مدينة قسنطينة كعاصمة جهوية. إن المدن الساحلية، عنابة وسكيكدة، ذات نسيج صناعي وحضري مهم، تكفل الازدهار لهذه المنطقة، في حين الهضاب العليا الممتدة من سطيف إلى قالمة مرورا بالسهول القسنطينية القمحية يضمن لها تمويل كاف ومستمر فيما يخص المنتوجات الزراعية ذات الاستهلاك الواسع. جبال القالة والدوغ والمساحات الغابية الشاسعة في الطارف تمنح للمنطقة هطول أمطار غزيرة.

 

  • المنطقةIII

الولاية الثالثة (القبائل)من الناحية الجغرافية، تمتد الولاية الثالثة التاريخية من بومرداس إلى أوقاس التي يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط، وتشمل شرقا أقاليم تخضع حاليا لولايتي سطيف وبرج بوعراريج، تحدها من الجنوب الغربي كل من البويرة وسور الغزلان حتى حدود بوسعادة. ما يميز هذه المنطقة في الواقع هو كونها محدودة بكتلة جبلية متفاوتة الارتفاع، تقتطعها وديان ومجاري مائية ذات أحجام مختلفة تصب جنوبا في الجزء الجنوبي من وسط الهضاب العليا. تكتسب هذه المنطقة تقاليد ثقافية متجانسة وراسخة لم تنل منها شيئا حتمية هجرة أبنائها.

 

  • المنطقةIV

الولاية الرابعة (الجزائر وضواحيها): تشمل فضاءات يغلب عليها الطابع الاستعماري (مزارع استعمارية شاسعة ومراكز عمرانية جد متقدمة)، منها منطقة سكانية للجزائر الوسطى تنفرد، على غرار سهول متيجة وكذلك منطقة الشلف الواسعة، باستفادتها من أشغال كبرى لتثمين أراضيها. فضلا عن كونها منطقة متكونة من مجموعات متفرقة بفعل رصف جبلية ذات ارتفاعات متواضعة نسبيا (جبال البليدة والظهرة والونشريس)، فإن الغنى الفلاحي لتربتها (المغزوة حاليا مع الأسف من الاسمنت والعمران السريع والمتفاقم)، والكثافة السكانية والنسيج الحضري والصناعي التي تتمتع بها تعد لا محالة عوامل تحفيزية. يمكن لهذه المنطقة أن تكون، على المدى القصير، قوة وقاطرة حقيقية لتنمية المناطق المجاورة.

يجب تقسيم هذه المنطقة إلى ثلاث أقاليم اقتصادية : الجزائر الكبرى، التيتري في وسط جنوبي العاصمة والشلف الذي يمتد من المنحدرات الغربية لجبال البليدة.

 

الجزائر العاصمة: باعتبارها عاصمة البلاد، هي أصلا مدينة ومحطة متعددة الثقافات تتعايش فيها اللغات العربية والأمازيغية والفرنسية بصفة عفوية، متجانسة، متناغمة وذكية. علما أن هذه المنطقة التي تشمل كل ضواحي الجزائر الكبرى قد سبق اعتبارها أثناء حرب التحرير الوطنية  ناحية ذات استقلالية  Zone autonome يستوجب أن تستفيد العاصمة من مركز خاص ومتميز لجعلها مدينة عالمية حديثة.

 

  • المنطقة(التيتري)

هذه المنطقة التي تشمل عموما مقاطعة التيتري القديمة، تقع في وسط جنوب العاصمة وتمتد إلى ما وراء جبال البليدة. تدمج ضمنها جل إقليم التيتري والأراضي الخصبة لولاية المدية وضواحيها.

 

  • المنطقةVI (الشلف): مجال ولايتي الشلف وعين الدفلى

تتعدى مساحة هذه المنطقة في حد ذاتها مساحة دولة بلجيكا، ويمكن أن تشكل إقليم إداري ينفصل عن الفضاء الجهوي الوهراني. إنها منطقة ذات إمكانيات فلاحية عالية تتمتع بشبكة حضرية مهمة وقاعدة صناعية، خجولة لحد الساعة، يمكن تطويرها في إطار التنقيب المنجمي والاستغلال الغابي.

 

  • المنطقةVII

الولاية الخامسة (وهران وضواحيها):

تعد من بين أوسع الولايات التاريخية وتمثل أحد المقاطعات التاريخية الثلاث في الفترة الاستعمارية. تشمل هذه المنطقة مناظر طبيعية متعددة ومتنوعة: أحواض داخلية وسهول ساحلية ذات أراضي خصبة وغنية، سهول عليا شبه قاحلة، أو بالأحرى جافة، وهي أراضي معدة لتربية المواشي، وأخيرا جبال تلمسان، ترارة، القصور، سعيدة وفرندة كلها جبال محدودة من الشمال إلى الجنوب على شكل أحزمة متوازية.

كما تشمل سهول عليا جافة مغطاة بسهوب الحلفاء وحلقات مرتفعة مسقية نسبيا من أطلس الصحراء (جبل القصور وجبل عمور) ومساحات صحراوية يجب استردادها في المستقبل إلى المناطق التي تم تعيينها في هذا المشروع. إن عمليات التثمين التي شرعت في بداية الحقبة الاستعمارية (قصد استغلالها الفلاحي) والنسيج العمراني والصناعي المهم الذي تكتسيه هذه المنطقة يضفي عليها قدرات كافية لتحقيق تنمية لا مثيل لها. تشكل موانئ وهران، ارزيو ومستغانم هياكل قاعدية كفيلة لضمان تبادلات تجارية ذات أهمية بارزة في إطار استراتيجية اقتصادية تنافسية وناجعة.

 

المنطقة VIII

ولاية الجنوب السادسةتحتل مجال شاسع من جنوب الأطلس الصحراوي في جزئه الشرقي وحدود الأوراس. تعتبر منطقة صحراوية ونائية باستثناء بعض الواحات والقطع النادرة التي تحتوي على مساحات خضراء والتي تعرف نشاطات حرفية وتقليدية. يتعين على السلطات العمومية أن تولى اهتماما خاصا بهذه المنطقة بغرض استدراك التأخر الملحوظ في مجال التنمية.

 

المنطقة IX (الساورة)

تمتد هذه المنطقة من تندوف على حافة عرق الإﭭيدي. نظرا لاعتبارات جيو استراتيجية وأيضا لأسباب اقتصادية (الصناعة والحرف التقليدية والسياحة) ومنها أخرى فلاحية، يجب الشروع في سياسية طوعية واستباقية لتنمية هذه المنطقة.

 

المنطقة X (توات-قورارة)

منطقة ذات هوية قوية تتمتع بتراث معماري، وتاريخي وما قبل التاريخ جد ثري، وكذا نشاط زراعي ثابت وامكانيات سياحية بارزة. منطقة تمتد على مدى كثبان لامتناهية على مدى العرق الغربي الكبير وعرق الشاش و جرف تعضميث ومساحات شاسعة تحيط ضواحي مدينة أدرار، والتي يمكن اعتبارها  كعاصمة للمنطقة بالنظر لموقعها الجغرافي المحيطة بكل من تيممون، الڤليعة ورﭭان. في الواقع تمتد هذه المنطقة على حافة كل من مجالات الولايتين الخامسة والسادسة.

 

المنطقة XI (العرق الشرقي الكبير)

تشمل منطقة العرق الشرقي جزء كبير من مساحة حمامدة-ثينغرت التي تمتد إلى حدود ليبيا مع تعيين مدينة ورقلة عاصمة لها، وهي منطقة صحراوية رغم أنها تضم بعض من الواحات غنية بالنباتات على غرار مدينة تقورت الواقعة على حدود شمال شرق مساحتها.

إن الثروة النفطية والغازية التي تملكها حاسي مسعود والنسيج الحضري الذي ما فتئ يتطور شيئا فشيئا لم يوظفا في تنمية حقيقية لهذه المنطقة التي تفتقر فيما يخص هياكل البنية التحتية.

 

المنطقة XII (الهقار)

سوف تعد مدينة تمنراست الأسطورية والعريقة عاصمة لهذه المنطقة. تشمل فضاءات تحتوي على احتياطات معدنية هامة في عين أمناس، شمال حدودها الشرقية. تشكل منخفضات جبال ثيذكلت بمختلف صورها حدودا طبيعية فاصلة بين توات-قورارة المعينة أعلاه فيما يحد طاسيلي أناجر وطاسيلي أهقار، في أقصى جنوب البلاد، الحدود الفاصلة مع النيجر.

إن التجانس الثقافي الذي تتمتع بها هذه المنطقة يمنح لهذا الفضاء هوية قوية وخاصة لم تتغير عبر الأزمنة. تراث تاريخي وبروتو تاريخي، وثروة حيوانية ونباتية مميزة، وفوق كل ذلك، موقع جغرافي عرضي لا مثيل له، كلها عناصر متينة يمكن أن تجر المنطقة نحو وتيرة تنموية فعلية في إطار لامركزية السلطة.

 

                      ب- المناطق الطبيعية الصغرى

 

تضاف إلى جانب المناطق  الرئيسية التي تم تحديدها ثلاث (3) مناطق طبيعية (أو مقاطعات صغرى) والتي تتجلى من خلال هوية مميزة أو من خلال وحدة وتجانس تاريخي، أو جغرافي، أو ثقافي واجتماعي، أو طقوس ديني خاص بها. يعد قبول الآخر والغيرية اشارات ودلالة على الانفتاح والتسامح. كلما أخذت الأمة بعين الاعتبار خصوصيات إقليمية، وثقافية، واجتماعية ومجتمع ما، فهي تحمي نفسها من التشويه والطرق المختصرة وتتحرر من جل صور الهيمنة، مما يسمح لها في نهاية المطاف إرساء في صفوفها الثقافة الديمقراطية.

  • مقاطعة الميزاب

فضاء طبيعي يؤسس تطوره وازدهاره حول عاصمته غرداية الجدية والناشطة للغاية مع المدن التي تحيطها (مليكة، بنورة، بن يسقن، العاطف). حيث يمكن أن يكون النشاط الصناعي، والحرفي، والتجاري، والزراعي والسياحي الذي يعرفها وادي الميزاب عامل قوي في تنمية المنطقة بأسرها.

  • مقاطعة وادي السوف

مدينة مكونة من ألف قباب، الوادي، اسم على مسمى، مدينة وواحة ذات تاريخ غني ومعروفة، علاوة على خصوصيتها الثقافية والتجارية والدينية، بالسمعة التجارية لأهاليها وحيويتها. تشكل هذه الحيوية وحدها مصدر قوة واضحة. كما أن التجانس الثقافي والاجتماعي لسكانها واقع مهم وأكيد يبرر ترقية المنطقة لتسيير شؤونها بكل جدية وتمكينها الحكم الذاتي.

  • مقاطعة الساورة(منطقة طبيعية محتملة)

تعتبر بشار عاصمة لهذه المنطقة، فبالنظر إلى عدد الواحات الدائرة  حولها والرقعة الزراعية المسماة العبادلة المتواجدة بقربها، إضافة إلى التنقيبات المعدنية والمنجمة التي تزخر بها، يجب إعداد مشروع تنموي خاص بهذه المنطقة الطبيعية.

 

VI.3.2.   الخاتمة   

يستند هذا التقسيم الإقليمي أساسا على اعتبارات تاريخية، واقتصادية واجتماعية، وثقافية وجغرافية تبررها وتنشطها أيضا عناصر بيوجغرافية تحدد نجاعة المجموعات الجهوية التي يتم تعيينها على أنها كذلك.

تحيل الإشكالية إلى ضرورة بناء هيكل مؤسساتي واقتصادي متناسق، ومستقر وناجع يدفع إلى ترقية إقليمية طلائعية مهما كانت ملامحه و تسميته ومرجعياته. تنظيم جهوي وإقليمي يأخذ في عين الاعتبار أسس وواقع الفضاء الجغرافي الذي يعيش فيه المجتمع، ويعبر عن مجموعة من القيم بمختلف أبعادها وتنوعها الثقافي، والتاريخي والعقائدي والإقليمي، علما أن التنوع مصدر ثراء.

ليس بعيدا منا، إن القارة الإفريقية، ذات موروث حدودي استعماري مشتت، تشهد اليوم اقتراحات مؤسساتية تسعى إلى المصالحة بين الشعوب والمجموعات مع تاريخها.

وأحسن من ذلك، دول صغيرة مثل ألمانيا وأخرى أصغر منها مثل سويسرا، والمميزة بتنميتها ونموذج حكمها الراشد، تتكون الأولى من 16 مقاطعة المسماة “لاندر”، وتنقسم الثانية إلى 7 أقاليم كبرى و26 مقاطعة وشبه مقاطعة فرعية.

 

XVI     الجزائر في العالم

 

خمسين سنة بعد الاستقلال، ضيعت الجزائر مركزها المرموق والذي اكتسبته اثر الحرب التي خاضتها من أجل الاستقلال. وبفعل الغموض السياسي والايديولوجي المطبوع بسيرة سياسية غير مستقرة يبدوا البلاد كسوق تعرض فيها مختلف البضائع، والأخطر من ذلك كإقليم تتواجد فيه عدة نواحي يعمها الفوضى وللأمن.

نظرا لتوظيف عملية مكافحة الإرهاب، لا يزال النظام الجزائري يتعنت بمواقفة الرجعية والسير في الاتجاه المعاكس لمجرى التاريخ.

غير قادرة على البروز في المجالات الثقافية والعلمية رغم تاريخها العريق ووفرة مواردها البشرية، أصبحت الجزائر معزولة ولا تقترب الدول منها إلا للظفر بثرواتها المالية وتحقيق الاستفادة من تواطؤ حكامها الذين لا يترددون في مساومة الدعم السياسي خدمة لمنافعهم الضيقة على حساب المصالح الاستراتيجية للأمة.

 

XVI.1        الديمقراطية والسلم الدولي

باستثناء دعم الجزائر غداة الاستقلال للحركات التحررية في إطار أفق ضرورة تجديد العلاقات الدولية على أسس المساواة والعدل، أصبحت اليوم السياسة الخارجية للدولة انعكاسا لسياسة الغلق والقمع متعدد الأشكال المعتمدة داخل الوطن. يهيمن على الاتجاه الديبلوماسي للنظام البحث الدائم عن الحمايات الدولية مقابل تنازلات سياسية بالرغم من أنها يمكن أن ترهن السيادة الوطنية. عدم التدخل في شؤن الدول الأخرى ذريعة غالبا ما تخفي تضامن السلطة مع الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة. يتبين هذا الموقف جليا في إفريقيا (السودان، الساحل العاج، ليبيا ومصر) وفي الشرق الأوسط (سورية واليمن). إن الحفاظ على سيطرة البيروقراطية على تسيير وإدارة إيرادات المحروقات تحت غطاء الوطنية يؤكد على سياسة المحاباة والنهب والريع التي يتسم بها النظام.

في إطار العولمة وعالم أحادي القطب، يجدد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية قناعته وتأكيده أن شرعية السلطة الوطنية هي التي تخول المصداقية لدبلوماسيتها.

ويناضل الحزب في ميدان السياسة الدولية لكي تكون المصلحة الوطنية أساس الديبلوماسية الجزائرية. وفي هذا الشأن يقترح الحزب إعداد من جديد سياسة التمثيل الديبلوماسي لدولتنا تتماشى مع مقتضيات سياستنا الخارجية وعلاقاتنا الاقتصادية.

يعتبر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها هو دعامة أساسية للسلم والأمن الدوليين.

يقتضي التاريخ والمصير المشترك للإنسانية وكذا الضرورة الملحة للحفاظ على الوسط الطبيعي والنظام البيئي تنمية اقتصادية تضامنية بين شمال وجنوب المعمورة.

يناضل التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من أجل نزع التسلح الكامل عن طريق القضاء على أسلحة الدمار الشامل لاسيما الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية.

يعتبر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن الديمقراطية ليست حكرا على الأغنياء وأن كل الشعوب متهيئة وقابلة لممارستها. كما أن التقهقر والاستبداد لا تعد حتمية في المجتمعات التي تعتنق الديانة الاسلامية.

 

 XVI.2 ـ شبه قارة شمال أفريقيا

تؤدي الشمولية والعولمة لا محالة إلى بناء مجموعات إقليمية كبيرة. والجزائر ليس لها الخيار سوى الدخول في مجموعتها الطبيعية : شمال إفريقيا. وهو كيان تاريخي تم الإعلان عنه من طرف “نجم شمال إفريقيا” ثم تم تكريسه بموجب ميثاق الصومام وتأكيده بمقتضى مؤتمر طنجة عام 1958 الذي جعل من بناء فدرالية المغرب والجزائر وتونس المبتغى الضروري لاستكمال استقلالها.

إن اتحاد المغرب العربي، القائم على مفهوم مشوه وأداة سياسوية لا يغدوا أن يحي ويموت بخطأ سلطات تتخبط في أزمات أنظمتها. إنه اتحاد تم إنشائه على نموذج رؤساء الدول، يحي وفق أهواء ومصالح ضيقة لحكامها.

وعلى هذا الأساس، فإن الإخفاقات المتتالية تستوجب إعادة التفكير في المستقبل فيما يخص تعريف مجال ومضمون مشروع شمال إفريقيا. إن تسوية النزاع القائم بين الجزائر والمغرب لا سيما بشأن وضع معالم الحدود يعتبر جوهريا ومسألة حيوية بالنسبة للدولتين والتي يتعين عليهما ترك نزاع صحراء الغربية يجد حلا في إطار هيئة الأمم المتحدة.

إن أزمة ادماج شمال إفريقيا تستدعي سياسة براغماتية ترتكز على مشاريع ملموسة وقابلة للتسيير وبالأخص في المجال الاقتصادي. كما يتعين على الدول الثلاث تدعيم وتشجيع المجتمعات المدنية والمتعاملين الاقتصاديين إلى عقد شراكات مفيدة لجميع الأطراف. على سبيل المثال، لو يتم تفاوض إبرام عقود تأمين الشركات الجوية المدنية تضامنيا سوف تحصل كلاهما على انخفاض قيمة أقساطها.

وعن طريق التفويض التدريجي لأجزاء من سيادتها فيما بين هذه الدول لسمح ذلك ببروز فدرالية شمال إفريقيا حيث تكون المناطق عامل فعال وجدي للتنمية. طول الساحل وموقعها الجغرافي يجعل من شمال إفريقيا المحور الأساسي بين أروبا وإفريقيا من جهة، وبين أروبا والمشرق من جهة أخرى.

كما تسمح أيضا حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال بتوسيع السوق وتنظيم وترقية أقاليم طبيعية تبرز بمختلف خصوصيتها.

يمكن لهذه الفدرالية أن تتفاوض في أحسن الظروف مع المنظمات المالية والتجارية الدولية (صندوق النقد الدولي، والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية) مشاريع تتجاوز حاليا إمكانيات دولة واحدة والتي يمكن أن ترى النور من أجل التقليص التدريجي لتبعيتنا الخارجية.

 

XVI3 ـ مجموعة دول الصحراء الكبرى

باعتبار الجزائر ذات حدود شاسعة تربطها مع جميع دول الصحراء المجاورة، ولها التزامات وحقوق هامة في هذه المنطقة يتعين عليها، بالتالي، أن تستعمل هذه الحدود كوسيلة للتعاون والسلم والازدهار والعمل في إطار المناقشة والتسيير المشترك لهذا الفضاء المدمج سعيا إلى استقرار الشعوب في هذه المناطق عن طريق التنمية.

يقترح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إنشاء مجموعة دول الصحراء الكبرى حيث يتم إعداد مشاريع مشتركة تمس بالبيئة والاقتصاد والأمن والثقافة ومسألة الهجرة. إن تفعيل وانجاز مثلا المشروع القديم الطريق السيار المشترك بين دول الصحراء الكبرى يكون عاملا حاسما لتحقيق هذا المبتغى.

 

XVI.4 ـ أوروبا والقوى الصناعية

تتمتع الجزائر بموقع جغرافي متميز مقابلة مع أحد المناطق الاقتصادية الأكثر أهمية في العالم. في هذا المناخ، تعتبر كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا أهم شركائنا الاقتصاديين مع العلم أن البحر الأبيض المتوسط يجمع في ضفتيه دول أوروبية مهمة ودول شمال إفريقيا أبرمت جميعها اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. حوض طبيعي ملموس، يمكن أن يشكل في المدى القصير مجموعة اقتصادية صغيرة خصبة ومولدة للثروة.

معبر لظاهرة الهجرة  تجاه أروبا، وهي ذاتها تعاني من هذا المشكل، يتعين إشراك الجزائر في سياسات المساعدة للتنمية المصادق عليها من طرف الاتحاد الأوروبي بغرض الحد من ظاهرة تدفق الهجرة. علاوة على أروبا، على الدبلوماسية الجزائرية كذلك أن تنمي علاقاتها المبنية على التعاون العادل مع القوى الاقتصادية الأخرى لاسيما الولايات المتحدة، وكندا واليابان.

 

XVI.5 ـ البحر الأبيض المتوسط

مهد العالم والحضارات القديمة، البحر الأبيض المتوسط لاسيما حوضه الغربي، قد أثر على تاريخنا وثقافتنا وحدد مصير بلادنا.

عانت دول البحر الأبيض المتوسط من نزاعات عدة تم تسوية غالبيتها إلا أن أخرها، ألا وهو النزاع الإسرائيلي العربي، يشكل تهديدا خطيرا للسلم. فالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يعتبر أن تلبية التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني في إنشاء دولة مستقلة واستعادة الأقاليم العربية المحتلة سنة 1967 من طرف اسرائيل، تكون أساسا لسلم دائم في الشرق الأوسط. ومن شأن هذا المآل الذي يفترض مفاوضات حقيقية، أةو يؤثر إيجابا على تسوية العديد من الأوضاع الناجمة عن حروب النفوذ والتوترات.

 

        XVI.6 إفريقيا والعالم العربي الإسلامي

بعد أن كانت في قمة الواجهة الإفريقية، فقدت الجزائر الكثير من نفوذها في هذه المنطقة. حيث لم تتوقع التطورات المحسوسة المسجلة في بعض دول إفريقيا لاسيما في مجال الدمقرطة فضلا على أنها لم تعر لها الرعاية المناسبة. تحمل مبادرة النيباد في طياتها أمالا للشعوب الإفريقية إذا كانت الأنظمة التي تدير شؤونها مشروعة ومنبثقة عن انتخابات نزيهة وتعرف بعض من النتائج الإيجابية في تنميتها وسياستها الاقتصادية. يمكن لإفريقيا الجنوبية و الشمالية أن تكون شريكا فعالا من شأنه التصور ووضع سياسة لتنمية القارة على المدى المتوسط والبعيد.

لأسباب جغرافية واقتصادية، إن حجم التبادلات مع دول العالم العربي الإسلامي لا يتناسب مع شدة التصريحات السياسية للحكام. لما كانت مدعوة للتحرر من الأنظمة الاستبدادية بدأت المجتمعات تنتج نخب تتجند في خدمة الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان. يتعين على الجزائر أن تتضامن وتولي الاهتمام للتطورات التي تعرفها منطقة حين يتقرر مصيرها وتقيم علاقات وأواصر مع القوى الديمقراطية المتصارعة في مجمل هذه الدول.

 

XVI.7  البلدان النامية

إن المكانة التي تحتلها هذه الدول على الصعيد الاقتصادي والسياسي تجعل منها فاعلين لا يمكن الاستغناء عنها مستقبلا في العلاقات الدولية إذ أسيا مدعوة كي تصبح القلب النابض في العالم الجديد.

فعلى الجزائر أن تحافظ وتعمق علاقاتها مع الدول النامية لأمريكا اللاتينية وآسيا وأوقيانوسيا ذات تجارب ثرية تفيد في تسيير وإدارة التحولات المرتقبة.

شارك هذا المقال

Share on google
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on email
Share on whatsapp